المقالات

البلاء داء أم دواء؟!  


الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||

 

          تتغير أحوال الناس غالبا بحسب المعطيات التي تترادف, فدوام الحال من المحال, وليس من الممكن أن يكون التغيير نحو الافضل دائما, فالكثير قد يقع في فخ الاموال والقوة والسلطة والجاه والصحة فينغرُّ بنفسه حتى يقع ضحية هواه, فيفوته الغنى الذي اياه طلب ويدركه الفقر الذي منه هرب, ولا أعني تفسير الغنى والفقر بالماديات بقدر ما يهمنا البعد المعنوي الذي لا يلتفت إليه عامة الناس, وقد يلزمه البلاء للرجوع عن غيِّه وتغيير حاله نحو الأفضل بمعرفة حاجته إلى رحمة الله تعالى ورعايته.

          إن لوجود البلاء والمصائب في حياة الناس أثر كبير في رقيِّه وتقدمه العلمي والاخلاقي؛ ولذا فإن الشرور العارضة خاصة والطارئة قد تكون من مصلحة الانسان, فمثلا نحتاج أحيانا إلى اجراء عملية جراحية معينة من أجل العلاج ونسعى إليها وندفع الاموال للأطباء وقد نطلب التعجيل بها لأن فيها سلامتنا, فنحاول أن ندفع البلاء الكبير الذي يهددنا ببلاء صغير كأن تكون بعملية جراحية أو كورس علاج أو غير ذلك من أنواع الابتلاء, ولا يُعد من نقدمه من المال أو الأوجاع بلاء لأن فيه انقاذ أرواحنا, فندفع الضرر الكبير بالصغير وهذا منطقي في محاولات العلاج المختلفة.

          والناظر إلى البلايا يجد أنها من الوسائل التي قد يحفز الانسان على العطاء وكشف الطاقات العلمية, فكل ما كان من التقدم في المستويات المختلفة الطبية والهندسية والفنية والبناء والاعمار إنما كان بدافع الحاجة, والحاجة دفعتنا إلى التفكير فأبدعنا وبذلك قالوا: الحاجة أم الاختراع, ومن جانب آخر فإن المصائب تمثل جرس انذار سيما في المجالات الطبية, واليوم نسمع بعد جائحة كورونا العالم مشغول بأكثر من مائة وخمسون نوعا من اللقاح من أجل مقاومة الجائحة, وهذا بحد ذاته مؤشر إيجابي على التغيير نحو التقدم الطبي والعلمي, ومما زاد اهتمام الناس ومخاوفهم أن بعض الامراض قد لا نشعر بها إلى أن تتمكن من أصحابها كالسرطان والعياذ بالله وكذلك كورونا مما دفعنا إلى الاحتراز منها بالوسائل التي يمكن ان تدفعها عنا.

          والذي يهمنا أن نقف عليه هو أن الحاجة والحرمان دليل النقص, فبعد أن يصاب الانسان بداء العظمة والتكبر لعله يحتاج إلى الشعور بالحرمان والحاجة لرجوعه إلى الصفات الحميدة التي فطر الله الناس عليها وأبعدهم عنها الغرور والطغيان, وحاجة الانسان إلى أخيه أو إلى غيره يجعله متواضعاً وهذا الأثر يعزز البعد الاخلاقي الذي لطالما أكد الاسلام على ضرورة الالتزام به حتى جاء في الأثر الطيب: إنما الامم بأخلاقها, والاخلاق الحسنة كفيلة برجوع العبد إلى ربه بعد أن كان متمادياً في الضلال والفساد, ولا يخفى أيضاً على كل ذي لُبٍّ أن الأمور إذا كانت مهيأة كلها للإنسان لطغى كما قال تعالى: (أن الانسان ليطغى, أن راه استغنى) نعم هذه الحقيقة لابد ان نعترف بها فلولا الموت والفقر والمرض لما طأطأ الانسان رأسه أبداً, وبذلك فإن البلاء طريق السعادة والتكامل الاخلاقي والروحي وسبيل الهداية والصلاح ويستلزم شكر الله على كل بلية؛ لأنها منهج السعادة ولو بعد حين.         

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك