المقالات

هل يمكن التطبيع مع الصهاينة ؟  


رياض البغدادي ||

 

منذ مؤتمرها الأول في سويسرا عام ۱۸۹۷والصهيونية تؤكد يوما بعد يوم ، إنها انموذج للاستعمار القائم على السيطرة العسكرية على الشعوب وأوطانها ، وانموذج للعنصرية يعبر عن نفسه بالسعي بنهج واضح ، الى إبادة الشعب العربي الفلسطيني ونفيه من أرضه (فلسطين)، وإحلال اليهود محله ، ليس فقط من خلال الأساليب العدوانية الوحشية وارتكاب المجازر ، بل كذلك من خلال القوانين التي يسنها الكيان الصهيوني ، والتي تتنافى مع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، التي تؤكد بإستمرار على ضرورة القضاء على التمييز العنصري .

وإذا كان الصهاينة خلال سنوات عديدة مضت ، ينكرون من حقيقتهم الإجرامية والعنصرية .. فإنهم الآن وكما يبدو في كتابات وتصريحات العديد منهم ، يتبجحون بما فعلوا ويفعلون ولا يترددون في القول ، أن جميع ممارساتهم الإجرامية هي ترجمة للمباديء الأيديولوجية العنصرية ، التي تستهدف نفي وإبادة العربي لكونه عربیا ، وتثبيت اليهودي لكونه يهوديا في أرض فلسطين العربية .

فهذا اليهودي « يوسف جوراني » أحد أساتذة جامعة تل ابیب ، يقول ان الكيان الصهيوني مازال يعتمد في سياسته الداخلية والخارجية ن على الآيديولوجية الصهيونية ، التي تبلورت مبكرا قبل مطلع القرن العشرين ( يقصد منذ مؤتمر بازل عام ۱۸۹۷ ) ، ويحدد ( جوراني ) أربعة مبادىء يتم صياغة المواقف الصهيونية إستنادا اليها .

ويتمثل المبدأ الأول في تجميع اليهود في أرض فلسطين ، وهو المبدأ الذي أدى ( على حد تعبيرجوراني ) الى زعزعة الحق القائم المنفرد للعرب في هذه الارض ، والمتعلق بحق ملكية الأرض ، وفي هذا إشارة واضحة الى الأساس العنصري الذي قامت عليه الآيديولوجية الصهيونية ، المعبر عنه في فرض وجود مجموعة بشرية وترتیب حق لها في الأرض ، على نحو مصطنع على حساب وجود أصحاب الأرض التاريخيين .

في حين يتمثل المبدأ الثاني في تحويل اليهود الى أغلبية ، فالدعوة الى تجميع اليهود في فلسطين يعبر عن الرغبة في جعل اليهود أغلبية في فلسطين ، وبدون هذا الهدف تفقد الصهيونية معناها .

ويتحدد المبدأ الثالث في جعل اليهود فقط هم المنتجون ، بهدف فرض البطالة على العرب وجعلهم خارج الحاجة والتأثير في حياة الشعب الفلسطيني نفسه ، وفرض الإعتماد على اليهود في توفير حاجاته .

ويتجسد المبدأ الأخير ( الرابع ) في بناء فكرة « الأمة العبرية » ، إعتمادا على التطلع لاقامة «ثقافة عبرية» ، ويلاحظ في المبدأين الثالث والرابع ، تكريس الإتجاه العنصري على مستوى العمل والثقافة .

وفي هذا السياق يقول المؤرخ الصهيوني « يوسف کلاونز» وهو يدعو اليهود للسيطرة على المجتمع العربي : « إننا نحن اليهود عشنا ألفي سنة وأكثر بين شعوب متحضرة ، لذلك من المستحيل علينا بل ومن غير المطلوب لنا ، أن نهبط هذه المرة الى مستوی حضارة شبه همجية ، فضلا على ذلك فان أملنا أن نصبح السادة في هذه الارض في وقت من الأوقات ، وذلك يقوم على التمييز الحضاري الذي يميزنا عن العرب ، والذي عن طريقه سيزداد نفوذنا رويدا رويدا ».

هذا هو المنطق الذي تقوم عليه الثقافة الصهيونية ، فكيف يمكن لعربي أن يستوعب هذا المنطق ويتقبله لتسير قافلة التطبيع الى أمام ؟ هل يمكن للعربي ذو الإنفة والرجولة والكرم والبطولة أن يتقبل الرضوخ الى هذا المنطق ؟ وما هو المقابل الذي سيحصل عليه العربي ليتقبل أن تهان كرامته ، وتداس أنفته ورجولته تحت أقدام اليهودي المتعجرف ؟ ألم يقرأ مروجوا التطبيع القرآن وهو يصدح بالآية المباركة ، (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا ) النساء 139، وقال تعالى مخاطباً لنبيه صلى الله عليه وآله سلم ومسليا له ومصبراً على ما يلقاه من أذى من اليهود ( وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) يونس 65  ...

إذن ، ليعلم المهرولون خلف قوافل التطبيع مع الكيان الصهيوني ، ومن يتقدمهم من أمراء وملوك العرب ، إنما يتبعون سرابا ، لأنهم تعلقوا بما يخالف حكم الله تعالى و إرادته ، وما يروجونه من التوادد مع الصهاينه ، إنما هو تكذيب قبيح سافر لقول الله تعالى (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ...) المائدة 82 ...

من هنا نعلم علم اليقين إننا منتصرون ، وما يطمحون اليه ، سيكون مصيره الفشل والخسران المبين .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
جلال قاسم
2020-07-26
استاذ رياض البغدادي مصيبة العراق كلها سببها رفضه التطبيع مع الصهاينة .. طبعا مو رفض السياسيين وانما هو رفض الشعب العراقي الذي سوف لا يتقبل التطبيع مهما فعلو
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك