المقالات

العدوان التركي المستمر على الأراضي العراقية، إجراءات عرجاء  

1608 2020-07-01

ضياء المحسن ||

 

تأتي عملية مخلب النسر إستكمالا لعملية مخاب النمر التي بدأتها القوات التركية لمطارد عناصر حزب العمال الكردستاني المتواجدين في شمال العراق، هؤلاء الذين كان نظام صدام يستخدمهم كعصا بوجه الأتراك، بالإضافة الى أنهم كانوا يمثلون القوة الضاربة بيد النظام أنذاك في ضرب التمرد الكردي.

بعد ذلك وجد النظام أن يقوم بتوقيع إتفاق مع الأكراد على ملاحقة عناصر الحزب داخل الأراضي العراقية، وهو بذلك كان يريد إخضاع الأكراد لسيطرته أكثر فأكثر، فحصل على ما يريد، لكن من دون أن تنكسر شوكة حزب العمال الكردستاني، بسبب وعورة المناطق التي يتواجدون فيها، بالإضافة الى تعاطف أهالي المنطقة معهم كونهم أكراد مثلهم.

تتخذ تركيا من هذا الإتفاق ذريعة للتدخل في الشأن العراقي، من خلال ما يسمى المناطق ذات الأغلبية التركمانية، مع إمكانية ضم هذه المناطق (بحسب قول الأتراك) الى تركيا لأنها كانت أراضي خاصعة للدولة العثمانية، حيث لا يزال إعادة حلم الدولة العثمانية يراود الأتراك، خاصة الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان.

ينسى السيد أردوغان أن هذا الحلم لن يتحقق، صحيح أن هناك تجاذبات سياسية تشتت الموقف السياسي العراقي، لكن يبقى مع ذلك الموقف العام مع بقاء الدولة العراقية كما هي حدودها في الوقت الحالي، ليس لأن السياسيون العراقيون متبحرين في السياسة، لكن بسبب الضغط الجماهيري، الذي لا يرغب أن يكون البلد مع محور ضد محور أخر.

المسألة الأخرى التي يبدو أن السيد أردوغان يتغافل عنها، هي أن الموقف الدولي ليس مع تقسيم العراق بين بلدان المنطقة المحيطة به، لأسباب أيديولوجية أولا ولأسباب إقتصادية مرة أخرى، فالأسباب الأيديولوجية تكمن في عدم رغبة القوى الكبرى أن تكون تركيا وإيران هي من تتقاسم العراق، لأنها بذلك تعطي الفرصة لهاتين القوتين أن تكبرا أكثر مما هما عليه الأن،وهذا الأمر لو حصل سيشكل تهديد لإمارات الخليج، والتي هي مرتعبة أساسا من هاتين الدولتين، وأما الإقتصادية، فإن الوضع الإقتصادي الهش في هذين البلدين يساعد تلك القوى على فرض إملائاتهما عليهما، سواءا بالترغيب أو بالترهيب.

الملاحظ أن تركيا والتي عضو في حلف الناتو تحاول أن تفرض رأيها في هذا الموضوع، لكن هناك أصوات تظهر الى العلن، عن عدم قبول هكذا أفعال من الجانب التركي، بوصفها عضوا في حلف الناتو، وعليها الإلتزام بكل ما يمليه عليها شروط الإنضمام لهذا الحلف.

في الجانب العراقي نجد أن الأكراد مستاؤون جدا من هذا الوضع، لكنهم لا يستطيعون أن يتحركوا باتجاه إبداء رأيهم بصورة علنية، لذلك فهم يرمون الكرة في ملعب الحكومة المركزية، في وقت نجد أن الأتراك فهموا اللعبة أيضا، لذلك فهم يصرون على أنهم لم يتجاوزا على العلم العراقي، وفي هذا تحدٍ صريح للأكراد ((بأننا لا نحترم علمكم الذي ترفعون، وأننا أينما وجدنا العلم العراقي سنتوقف عنده)).

كان المفترض أن تقوم الحكومة العراقية بإستثمار هذا الأمر، والضغط على الأتراك على قبول دخول القوات الحكومية الى شمال العراق للسيطرة على المنافذ الحدودية، وعدم إعطاء ذريعة للقوات التركية للتوغل أكثر داخل الحدود الأقليمية للعراق، لكن يبدو أن الأكراد لا يفهمون كثيرا في السياسة، لذلك نجد أن الحكومة المركزية استثمرت هذا الأمر ولو متأخرة، عندما رفضت مطالب الأكراد في تمويل رواتب موظفيها، إلا بعد أن تكون هناك سيطرة كاملة للمركز على المنافذ الحدودية، مع زيادة ما تسلمه السلطات في شمال العراق من إنتاج النفط، من 250 ألف برميل يوميا، الى 350 ألف برميل يوميا، وهو الأمر الذي جعل الوفد الكردي يعود بخفي حنين.

قد تكون ضربة معلم لحكومة السيد الكاظمي في هذا الملف، إذا أحسن إستثماره في بسط نفوذ الدولة على المنافذ الحدودية، وهو الأمر الذي سوف ينقذ الدولة من مأزق الأزمة المالية التي تمر بها الحكومة المركزية، مع إستمرار أسعار النفط دون المستوى الوارد في موازنة 2019، ومع زيادة تتجاوز 300 ألف موظف عن العدد الإجمالي للموظفين في عام 2019.

لكن السؤال الأهم هو كيف يمكن أن يستثمر مصطفى الكاظمي ذلك؟

نجد أن على السيد رئيس مجلس الوزراء أن يقوم بتفعيل الإتفاق مع الجانب التركي، على فتح معبر أخر بعيد عن معبر إبراهيم الخليل الذي يسيطر عليبه الأكراد، وبذلك سوف يحرمهم من هذه الموارد، ثم أن أنبوب النفط المستخرج من كركوك يمكن أن يمر بهذه المنطقة، وبالتالي سيمتنع الأتراك عن السماح للنفط الكردي من الوصول الى ميناء جيهان التركي، إلا من خلال أنبوب النفط العراقي، عندها سنعلم مدى السرقات التي كانت تحصل طيلة السنوات الماضية، والتي كانت تذهب لجيوب الفاسدين من الحزبين الكرديين الذي يتحكمون في مصائر الأكراد في شمال العراق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك