المقالات

ألواح طينية؛ دولة أم "شبه" دولة؟!  

1581 2020-06-24

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com ||

 

هل أن الأحداث التي جرت في البلاد، إبتداءا من أقتحام مجلس النواب عام 2016، وقيام ثلة من "المدنيين" المتحضرين، بتهشيم أثاثه وضرب النواب وإهانتهم، كان إيذانا بهدم العملية السياسية? وهل أن ما جري إبتداءا من تشرين 2019 وما يليه من أيام، وبصناعة صهيوأمريكية محكمة، شاركت في صياغتها رئاسات عليا، وقوى سياسية باعت مستقبل العراق بثمن بخس، من مظاهرات وأحتجاجات، هو إمتداد لتلك الأحداث، ما يشكل توطئة لهدم الدولة العراقية؟!

 يبدو أن الهدف هو هذا، فالدولة العراقية بنسختها الحالية؛ توشك على الإنهيار، أو هي قد إنهارت فعلا، ولكن إعلان ذلك قد جرى تأجيله، أو أن أحدا ما لم يتجرأ، أو يتحمل مسؤولية القيام بهذه المهمة؛ لا سيما أن صوت الجندي الإلهي كورونا يعلو على كل الأصوات.

الحديث عن إنهيار الدولة ليس أمر بدعا، يُقصد منه نسج الكلام المضاد للدولة، بل هو كلام حقيقي، مبني على معطيات واقعية، إذ تنهار الدول بفعل عوامل داخلية، أو بفعل مؤثر خارجي كالإحتلال مثلا، أو إبتلاع دولة لدولة أخرى وضمها اليها، والعاملان موجودان في الحالة العراقية..

"شبه الدولة" الحالية؛ قامت على أنقاض "شبه دولة" فككها الإحتلال، ومن المعلوم أن "شبه الدولة" السابقة، بنيت على أسس غير صحيحة، فحملت بهذه الأسس عوامل إنهيار وريثتها الجديدة، من أوائل لحظات التأسيس الجديد.

أول تلك العوامل؛ هو إتساع حجم المسكوت عنه، بسبب البنية السياسية المريضة، التي أدت الى  حجم الفساد الهائل، الذي ينخر الجسد العراقي، دولة وأفراد؛ كما نخر الجرذ سد مأرب؛ فأنهار وأنهارت معه دولة سبأ.

 جرذان الفساد تسيدوا العراق، وشكلوا ما بات يعرف بـ"الدولة العميقة"، التي أصبح بيدها كل شيء، أرضنا، أموالنا، مصائرنا، ومستقبلنا، ومستقبل الأجيال التي ستأتي بعدنا، وتشيعنا الى قبورنا باللعنات!

في هذا المقام، فإنه إذا كان اليقين هو القاعدة، والشك هو الإستثناء، فإن الفساد بات هو العنوان الرئيس في العراق، وهو القاعدة والنزاهة هي الأستثناء، ساهم في شيوع الفساد وتحوله الى حالة طبيعية، كثرة الحديث به، ولا محدودية الإتهامات، ومنها شعار "كلهم حرامية"، وبذلك فإن "كل" مسؤول عراقي أو موظف، وات في دائرة الشك بنزاهته!

عزز ذلك أن كا يطلق عليه أسم  "الدولة" مجازا؛ أو بالأصح قياداتها؛ لم تقدم دليلا واحدا ؛على أنها تعمل على إيقاف مد الفساد المتعاظم، فلم تقدم لحد الآن مسؤولا "كبيرا" واحدا، من الذين بيدهم صولجان الفساد الى القضاء، وتعلن ذلك الى الشعب لتبريء ساحتها، بل بالعكس يجري دوما "طمطمة" القضايا،و"لملمة" حواشيها.

النجاح في مكافحة الفساد؛ يحتاج إلى ألية وأدوات..

في الألية لا بد من تنسيق الجهود والعمل، بين السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية، فصلاحيات الحكومة وحسب الدستور، موزعة بين تلك السلطات، ولكي تتكامل الرؤى في موضوعة مكافحة الفساد، لا بد أن تكون الإرادة حاضرة لدى الجميع، من خلال التشاور والتباحث، ووضع سقوف زمنية للتشخيص والمعالجة، فترك الأمور بدون سقوف زمنية، سيسوف الغايات النبيلة، بالأضافة إن ذلك يجبر العاملين على الجد والمثابرة، للوصول إلى الأهداف التي حددت مسبقا.

في الأدوات؛ فلا تناسب وحجم الفساد الكبير وهذا التحدي المصيري، عليه يتعين وجود تشريعات جديدة متينة وحازمة وشديدة، فالقديم منها ثبت أنه لا يجاري سيل الفساد الجارف، وهنا تبرز مسؤولية السلطة التشريعية، بسن قوانين جديدة أو تعديل القوانين السابقة كقانون العقوبات رقم(111) لسنة 1969 وقانون الإثبات رقم (107) لسنة 1979، وقوانين أخرى تحتاج للمراجعة والتعديل، وإلغاء بعض القوانين أو إيجاد قوانين مستحدثة تخدم الواقع العراقي.

الإجراءات الإدارية والقضائية لا بد تكون سريعة ودقيقة، فالقضاء يعتمد على قوة الدفوع المقدمة من مؤسسات السلطة التنفيذية بإتجاه كل المتلاعبين بالمال العام، والمستغلين للمناصب الوظيفية، وأخيراً فإن الشعب يراقب وقد ضاق ذرعا بحجم الفساد والمفسدين، فلا تستهينوا بردة فعله الغاضبة.

الإجراءات الحكومية يجب أن تتحول من الدفاع إلى الهجوم، وفق مبدأ الإستراتيجية الوقائية، التي ترتكز على الضربات المباغتة، ومهاجمة مواطن الفساد وشخوصه.

كلام قبل السلام: مشكلة محاربة الفساد، مرهونة بجدية وإرادة الطبقة السياسية الحقيقية..(يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ (غافر - 19)

سلام..

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك