المقالات

الكمامة علامة..!  

1688 2020-06-08

حمزة مصطفى ||

 

 دخلت "الكمامة" حيز التداول اللغوي قبل نحو ثلاثة شهور من الآن. كممت أفواهنا في مفارقة ميتالغوية لم تألفها دراسات اللغة أو الدال والمدلول أو السيمياء أو  السيميولوجيا من عبد القاهر الجرجاني في "دلائل الإعجاز" في القرن الخامس الهجري الى دي سوسير في العلاقة الإعتباطية بين الدال والمدلول بين القرنين 19 والـ 20, وبينهما تشومسكي في النحو التوليدي بين القرنين 20 و21, وليس بعيدا عنهم بن خلدون في القرن التاسع الهجري الذي تناول السيميا بوصفها "علم أسرار الحروف". ترافق دخول الكمامة التي هيمنت بوصفها مدلولا قبل أن تكون دالا ومعها الكفوف التي هي علامة إيهامية يمكن أن نجد لها موطئا لدى  رولان بارت في كتابه "إمبراطورية العلامات", الى مجال اللغة بعد إنتشار وباء كورونا. هذا الوباء دخل الموسوعة تحت مسمى  كوفيد 19المستجد . إستوطنت الكمامة الفم  الذي يفترض أن يكون ناطقا بالمعنى اللفظي "الدال" الباحث عن معنى "مدلول"  لكن في قلب الطبيب لا الشاعر هذه المرة.  

بين الدال اللفظي والمدلول العملي يواصل كوفيد المستجد 19 حصد الضحايا في كل أنحاء العالم. العالم  يواجهه بسلاحين أحدهما قيد التداول هو الكمامة والآخر قيد الإختبار هو اللقاح. لغويا لا أعرف من أين جاءت عبارة كوفيد المستجد 19 لكن لدى الإطباء ومنظمة الصحة العالمية إجابة ليست وافية في ظل تداخل المفاهيم والدلالات والمداليل. ربما يصبح السؤال التالي واجبا وهو.. هل يعني أن هناك 18 كوفيدا قبله؟ ربما لكنهم لم يكونوا مستجدين. الخلاصة إنه إستجد برؤوسنا بدء من أفواهنا المغلقة بالكمامات.

أين كانت كل تلك الكوبيدات أو الكورونوات دون مسمى "الجائحة" حيث لايعرف سوى سويسر وخليفته تشومسكي إن كانت العلاقة بين دالها ومدلولها إعتباطية أم قصدية بلغة العالم العراقي الراحل عالم سبيط النيلي؟. أيضا من حقنا أن نسأل ماهي   مجالاتها  وحيز تداولها إن كان في اللغة أو في السيطرات حيث يتعين عليك إبراز هوية الإستثناء مع كف حقيقي موهوم بعلامة من خارجه وكمامة تخفي إبتسامة لا لون لها تمنحك جواز مرور وهمي يخفي بداخله شعورا إنك مواطن صالح تؤمن بتعليمات الحكومة. 

وتستمر الأسئلة طالما للحروف أسرارها كما يقول إبن خلدون.. لماذا كانت كل  الكوفيدات السابقة بلا كمامات ولا كفوف. الكمامات والكفوف أنتجت سلسلة مسجات لغوية بدوال ومدلولات لاتبدو هذه المرة إعتباطية من رخصة الجرجاني ودي سويسر وتشومسكي وعالم سبيط النيلي وإذا شئتم رولان بارت وأمبرتو أيكو.

المهم في أمر كوفيد 19المستجد إنه إختزل العالم بملياراته السبع  الى مجرد علامة هي "الكمامة" التي اصبح لنا منها إنتاج وطني  محلي "صنع في العراق" مع كفوف رديئة الصنع تتمزق بالكف. لكن مع ذلك العافية درجات كوفيديا وكفوفيا وصناعيا. بلغة الدال والمدلول إعتباطا وقصدا فإن كوفيد 19 فرض على العالم زيا موحدا بوسم علاماتي واحد هو الكمامة. لم تعد للكلمة معنى. إختفى الدال وبقي المدلول سابحا في فضاء اللاجدوى. في البدء كانت الكلمة, وفي الختام الكمامة. لم يعد مهما أن تكون .. مسك أوحنظل

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك