المقالات

حينما تستخدم الحكومة رسائل التشويش الإعلامي مع شعبها..!  


طيب العراقي ||

 

يعد الإعلام من أهم الأسلحة؛ التي تستخدم في الترويج للسياسات والتعبئة العامة وصناعة الرأي العام، عدا عن استخدامه كمنصة للتصارع والتنافس وتوجيه الرسائل،

في علم الإتصال والتواصل، تعرف عملية الإتصال السليم، بأنها عملية تواصل أطرافها هم المرسل والمرسل اليه والرسالة، والتغذية الإسترجاعية التي تعيد إرسال رسالة من المرسل اليه الى المرسل تفيد بأن الرسالة قد وصلت وحققت هدفها، وعادة يكون المرسل فردا في الحالات الشخصية، و"منظمة" في الأغراض الجماعية، وبالمقابل يمكن أن يكون المرسل اليه فردا أو جماعة في الحالتين، أي أن العملية تحتمل أربعة أوجه، كما أن عناصر التواصل مرتبطة بالتساؤلات؛ التي تحدد مضمون التواصل والاتصال، باعتبارهما المكون الأساسي للتطور البشري الحديث..

ثمة لعبة قديمة يلعبها المرسل أو المرسلين، وهي أنهـ "م" ، يرسلون رسالة او مجموعة رسائل الى المرسل اليهـ"م"، تحمل تفاصيل هي ليست تلك التي يرونها! وعادة ما ترسل هذه الرسائل بهدف التعمية على الهدف الحقيقي، أو لإشغال المرسل اليهـ"م" بغية تمرير موضوع ما!

هذه اللعبة القديمة تستخدم بكثافة من قبل الأجهزة الإستخبارية، وضمن هذا النظام يتم ضخ الرسائل المطلوبة في العقول الغير واعية؛ يتم فيها نقل الرسالة المخفية للمجتمع، بعد تقسيمه إلي طرفين، ليصبح كل منهما عدواً للاخر، وبالتالي سيحتاجون إلى طرف ثالث ليحكم بينهم وبالتدريج يسيطر علي حياتهم، وبالطبع ينبغي على الطرفين أن يعجبوا ويحترمون ويثقون فقط بالطرف الثالث، الذي هو عادة إحدى واجهات الجهاز الإستخباري.

هذا النظام فعال جداً عندما يتم عرضه بشكل متكرر، حتى يكون من السهل برمجة عقل المجتمع، ويجعله غير قادر على مقاومة الهدف المخفي، وفي النهاية الخضوع لليأس. وعادة يكون هذا الإسلوب أكثر تأثيرا، عن طريق نشر رسائل ضمنية، بمزج بعض الاكاذيب في وسط الحقائق.

بيد أن هذا الأسلوب يكتنف على تداعيات ونتائج لا أخلاقية، عندما تستخدمه الدولة مع شعبها، والحكومة على وجه التحديد مع المواطنين، وسيكون سببا لصناعة جدران عالية؛ من عدم الثقة بين الطرفين، وبالتالي يتحول الى وسيلة هدم للبناء المجتمعي والدولة برمتها.

لكن ما يجري اليوم في الساحة الإعلامية العراقية، هو إنزلاق الدولة والحكومة، في هذا الأسلوب الخطير، الذي يعد تجاوز كبير لرسالة الإعلام ومضمونه، كما أنه ينتهك معايير شفافية العلاقة بين الحكومة والشعب..فضلا عن مخالفته الصريحة للمنطق، والعرف  والذوق والأخلاق، حيث من المفترض أن يكون الإعلام خادما للشعب ولقضاياه ، وليس عليه وعلى حساب أولوياته المصيرية.

في هذا الصدد، يفترض أن لا تمتلك الدولة والحكومة وسائل إتصال غير رسمية، مثل الجيوش الأليكترونية أو مواقع التواصل الإجتماعي غير الموثقة، كما أن من المعيب جدا؛ أن تلجأ مؤسسات الدولة بما فيها الرئاسات الثلاث، الى أستخدام رسائل التشويش الإعلامي، لتمرير قراراتها وتحقيق أهدافها، نعم يمكنها أن تستخدم ذلك مع اعداء الوطن ومناوئيه، لكن أن تستخدمها في تعاطيها مع الشعب، فهذا عار ما بعده عار، ويحولها من دولة شعب، الى دولة المنظمة السرية!

سيول التسريبات لقوائم الوزراء، التي رافقت عملية تشكيل حكومة الكاظمي، وإطلاق أخبار مشوشة عن نعيين هذا الشخص أو ذاك بالمنصب الفلاني، بعد أن تشكلت الحكومة، ويدخل في هذا السياق اللا أخلاقي؛ نشر أخبار عن صدور قرارات تنفيذية غير حقيقية، تتحدث عن إجراءات ما، فضلا عن الإستخدام الهوليودي للظهور الإعلامي للمسؤول، كلها أساليب لا تمت الى ما يتعين أن تستخدمه الدولة، التي يجب أن تتصرف بحكمة وتعقل ورزانة، بعيدا عن التهريج والـ"طفكّة"..!

شكرا

11ـ5ـ2020

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك