المقالات

ما هي الدواعي الإستراتيجية لطلب ترامب التفاوض مع الحكومة العراقية؟!


طيب العراقي

 

لا يمكن النظر الى مساعي إدارة الرئيس الأمريكي ترامب؛ لعقد إتفاق جديد مع الحكومة العراقية بصيغة جديدة، يحصل من خلالها على شرعية لوجود قواته في العراق، بمعزل عن عوامل متعددة، يبدو بعضها مناقض لغيره من العوامل، لكن هذه العوامل مجتمعة؛ هي التي دفعت الرئيس الأمريكي، الى طلب مباحثات مع الحكومة العراقية، وهو ما كان يرفض حتى مجرد التفكير به، وبكل صلف وعنجهية الى أيام قليلة!

*   أول تلك العوامل؛ هو أن ترامب وجد أن قواته في العراق فقدت مبررات البقاء الشرعية تماما، بعد الجريمة الخسيسة التي أرتكبتها، بإستهدافها قادة الإنتصار على داعش، التي يدعي ترامب أن قواته موجودة في العراق من أجل محاربتها، ومن أجل دعم وتدريب القوات العراقية في معركتها ضد الإرهاب، وهو تناقض صارخ بات مكشوفا منذ أمد طويل، بعدما أعترفت الإدارة الأمريكية ذاتها، أن داعش شأنها شأن القاعدة وباقي التنظيمات المتطرفة، مصنوعات خبيثة بماركات صهيوسعوأمريكية.

*     ثاني عوامل الموضوع، هو أن رفض الأرض العراقية للوجود الأمريكي بعد تلك الجريمة، لم يعد مقتصرا على رفض الوجود العسكري، فبعد الهبة الجماهيرية الكبرى الرافضة للوجود العسكري الأمريكي، وبعد قرار البرلمان العراقي؛ القاضي بخروج القوات الأمريكية والأجنبية من أرض العراق خروجا باتا، تيقن ترامب ولو متأخرا؛ أنه أرتكب الخطأ القاتل، وأن هذا الرفض سيمتد الى الميادين الإقتصادية والثقافية، وسوف تطول آثاره الدول الغربية الأخرى؛ التي لها قوات على أرض العراق، وهذا ما يفسر مسارعة قوات فرنسا والدنمارك وغيرها؛ للإنسحاب من العراق على عجل، في خطوة تهدف للمحافظة على بقية صلات التعاون مع العراق.

*     ثالث العوامل؛ هو أن ترامب لَمِسَ لَمْسَ اليد، جدية وعزم وتصميم قوات المقاومة العراقية؛ على إخراج قواته بالقوة المميتة، وأنها مصممة بشكل بات على المضي في هذا المسلك الوطني المشروع، خصوصا بعدما بدأت الأخبار؛ تصل الى مكتب ترامب، عن ضربة هنا وأخرى هناك، وأن عمليات المقاومة باتت شبه يومية، ما يعني أن مسلسل الجنائز الأمريكية القادمة من العراق قد بدأ، لكن لا أحد يمكنه أن يخمن؛ متى ستصل الى الأراضي الأمريكية آخر جنازة؟ مع ما يرافق ذلك من خسائر على الصعد الأخرى، ومن تكاليف لا يمكن أن يتحملها الإقتصاد الأمريكي؛ المفجوع بضربات جنود كورونا، الذين أرسلهم العلي القدير؛ من حيث لا يحتسب الشيطان الأمريكي.

*     رابع العوامل الدافعة لإستجداء ترامب؛ مباحثات مع الجانب العراقي، هو عقلية السوق التي يعتنقها ترامب، وهي عقلية مغرقة بالبراغماتية المفرطة، حيث حولت العمل السياسي والعلاقات الدولية الى نشاط تجاري بحت، لدرجة تصل الى تحويل العمل السياسي والعلاقات الدولية؛ الى عمل تجاري صرف؛ لا ينضبط الا بضوابط السوق، المبنية على مباديء الربح والخسارة المالية، والرغبة الجامحة الدائمة لجني الارباح، دون ان يضع هامشا للخسارة!

*     ولأن الإقتصاد أولوية لدى ترامب، ولتأكده من أن قطار الصين الإقتصادي والتكنولوجي يطوي الأرض طيا، وأن هذا القطار السريع؛ بات وبشكل متصاعد يهدد مصالح أمريكا، في منطقة طريق الحرير والمياه الدائفة، فإن ترامب عمد الى سياسة قطع الطريق عن الصين في هذه المنطقة؛بواسطة العامل الاقتصادي الذي بدات خطواته العملية، في محاولة تمرير رئيس وزراء جديد موالي له (كاظمي او زرفي)، ومهد لذلك بسيناريو انسحابات لقواته؛ من مواقع ليست مهمة في العراق، مركزا قوته في عدد من القواعد القوية الحصينة في مناطق حيوية حاكمة، وهي تلك التي يريد أن يتفاوض مع الحكومة العراقية، بشأن وجود مشرعن لها.

*     مع العرض أن تصريحات المسؤولين الأمريكان، وفي طليعتهم مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي، الذي كان لا يعترف بأهلية حكومة السيد عادل عبد المهدي للحوار، على أساس انها حكومة تصريف أعمال، ولا تتمتع بالصلاحيات الدستورية الكاملة، لكن الطلب الأمريكي لمباحثات مع العراق، يكشف أن الأمريكان في أضعف حالاتهم عسكرياً أو إقتصاديا خصوصا بعد الخسائر الهائلة، التي ستؤدي الى كساد إقتصادي كبير؛ ربما لم يشهده العالم من قبل، ولهذا هم يريدون إعادة ترتيب أوراقهم وفقا لقدراتهم الحالية، وبما يجنبهم تراجعات إستراتيجية كبرى، خصوصا في منطقة بالغة الأهمية إستراتيجيا، يقع العراق في قلبها..!

شكراً

8ـ4ـ2020

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك