المقالات

البيئة المثالية للفساد


عبد الكاظم حسن الجابري

 

يعد الفساد من أكثر الآفات التي تواجه الحكومات والمجتمعات على حد سواء, ويتسبب الفساد بخسائر اقتصادية كبيرة للدول والمؤسسات والشركات.

لا تخلو دولة أو مؤسسة من الفساد, لكن مدى ظهوره واتساع نشاطه يعتمد على المنظومة القانونية الصارمة التي تنتهجها الدول لمحاربته.

لأجل محاربة الفساد تصرف الدول اموال طائلة لتشغيل وتفعيل نُظم مكافحة الفساد, وهذه الإجراءات بحد ذاتها كلف اقتصادية اضافية تضاف الى اعباء الفساد الاقتصادية.

يحتاج الفساد إلى بيئة خاصة ليتكاثر فيها وينمو, ويتسع نشاطه, كما يحتاج الفساد إلى منظومة سياسية وحكومية خاصة ليعشعش فيها.

ينمو الفساد –بصورته المتسعة-  في بيئتين خاصتين, الأولى هي البيئة الدكتاتورية, حيث يستأثر مجموعة من الافراد على مقدرات بلد معين, وتتولد بينهم تراتبية من المنفعة, تكون فيها حصة الأسد لرأس هرم السلطة وحاشيته, ثم تمتد بتنازل عمودي للدرجات الدنيا في النظم الدكتاتورية وهؤلاء – الدرجات الدنيا- يحصلون على قطع صغيرة من كعكة المغانم.

البيئة الثانية التي ينمو فيها الفساد هي بيئة الفوضى, حيث لا قانون ولا ضوابط, إنما أهواء ومزاجات تدير دفة الامور, ويعيش البلد الفوضى في صراع محموم بين اللاعبين الاساسين في المشهد السياسي للاستئثار بالمغانم, ويرافق الفوضى عادة جهل من عوام المجتمع, مع سياسة تجهيل ينتهجها القادة للعب بعقول اتباعهم ومريدهم.

في بيئة الفوضى يسعى المؤثرون السياسيون إلى إغلاق كل منافذ الإصلاح, والسعي لإحداث الأزمات, واستغلال حتى الأمور الصغيرة في افتعال أزمة كبيرة, وكلما يشهد البلد استقرارا نسبيا تسعى مافيات الفساد إلى خلق زوبعة اجتماعية او ازمة سياسية لتأصيل المشكلة, وتعتمد المافيات هذه على اعلاميين كاذبين ومضللين, وقنوات فضائية وصحف مأجورة, لتضليل الرأي العام وتشويش المشهد أمام الجمهور, ويعمل الفاسدون على إظهار انفسهم بانهم مصلحون ومريدون لمصلحة البلد, وما يفعلوه ما هو إلا خدمة للمجتمع.

في بيئة الفوضى يكون الصوت العالي الداعي إلى محاربة الفساد هو صوت الفاسدين انفسهم, وفي بيئة الفوضى تكون دعوات الإصلاح صادرة من المؤسسين للفشل والخراب, لذا تجد في بيئة الفساد اختلاط للمفاهيم والقيم, وضبابية وتخبط لدى الجمهور الشعبي العام.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك