المقالات

خريف ترامب وخيارات التراجع

1476 2019-09-26

حافظ آل بشارة

 

فرضت الأزمة الايرانية الامريكية اجواءها المتوترة على اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك ، وقد حقق الايرانيون اختراقا جديدا في مواجهة الغطرسة الامريكية ، ففي كلمته هاجم الرئيس روحاني اميركا في عقر دارها ووصفها بأنها تمارس الارهاب في حصارها لايران ، وقد جدد روحاني موقف الجمهورية الاسلامية الرافض لأي تفاوض مع اميركا الا بعد رفع العقوبات عن بلاده وعودة واشنطن الى اتفاقية الملف النووي ، واكد روحاني (أن أمن المنطقة لن يستتب إلا بخروج القوات الأميركية منها) رافضا تشكيل اي قوات متعددة الجنسية لحماية ما يسمى امن الملاحة في الخليج معتبرا (أن تشكيل أي تحالف أمني تحت قيادة قوات أجنبية يعد تدخلا في شؤون المنطقة)، كما طرح الشيخ روحاني مبادرة بديلة لما يروج له الامريكان والصهاينة والسعودية بشأن ما يسمونه حماية الملاحة في الخليج ومضيق هرمز ، حيث دعا جميع دول منطقة الخليج للانضمام إلى مبادرة (تحالف الأمل من أجل السلام في مضيق هرمز والذي يقوم على اساس التفاهم المتبادل وعدم الاعتداء واحترام سيادة الدول) .

ولم تشهد نيويورك تراجع المواقف الامريكية بشأن الأزمة فقط بل شهدت ايضا تقدما واضحا في سعي الاوربيين الى حل الازمة بالتفاهم ، وقد اوحى الموقف الاوربي بوجود انحياز نسبي للرؤية الايرانية وابتعاد واضح عن خيارات الرئيس الامريكي دونالد ترامب السابقة في التصعيد ، وكان خطاب الرئيس الفرنسي ماكارون يحمل خلاصة الموقف الاوربي لتبني مسار للتهدئة والحوار ، فيما شهدت الأزمة ايضا تحولا مهما عندما اعلن رئيس وزراء باكستان عمران خان بأن الرئيس الامريكي ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان طلبا منه ترتيب وساطة مع ايران لتسوية الأزمة ، الا ان ترامب قال ان خان هو الذي يرغب في ذلك واضاف انه يؤيده في هذا المسعى ، ثم قال نحن موجودون هنا في نيويورك ولدينا وقت ويمكن ان نتفاهم ...

في المسار نفسه يقول مراقبون ان الموقف العراقي في نيويورك تمثل بكلمة الرئيس برهم صالح الذي دعا الى تسوية الأزمة بين ايران والولايات المتحدة بالحوار ، وحرص العراق على السلام الشامل في المنطقة وتجنب التوتر . واستعداد بغداد للقيام بوساطة بين اطراف الأزمة ، وقد ربط البعض بين كلمة برهم صالح والزيارة السريعة التي قام بها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الى السعودية اليوم ، وكأن اجواء نيويورك تدفع كل الاطراف الى انهاء التوتر والاعتراف ببراعة الادارة الايرانية للازمة وتحويلها الخطر الى فرصة للمرة الالف ، فالايرانيون مع حياكتهم لخطوط مفاوضات مستقبلية كانوا يعمدون بثبات الى تحسين موقفهم التفاوضي بالضرب في مناطق الازعاج الرمادية والسوداء بتناوب مدروس ، وهم مدركون بدقة لنقطة ضعف جبهة العدو المتمثلة باعتماد دول الخليج واسرائيل كليا على مزاج ترامب وغطرسته ، في وقت هم يعرفون عدم قدرته على خوض مواجهة سياسية واعلامية صبورة على المدى البعيد نظرا لطبيعته الانفعالية وضيق الوقت ، فأن مفاجآت الصراع الانتخابي في اميركا بدأت تجتاح ترامب وتدوخه بشكل مبكر ، ومنها اتهامه بأنه يريد جر اميركا وحلفاءها الى حرب غير مبررة في الخليج ، ومنها اعلان الديمقراطيين في الكونغرس بدء اجراءات اقالة ترامب من منصبه على خلفية كشف مكالمة ترامب مع نظيره الاوكراني والاستعانة به لتفعيل ملف قضائي في اوكرانيا يتعلق بابن جو بايدن منافسه الديمقراطي الاقوى من اجل اسقاطه ، وسوف تشهد الايام المقبلة مناظرات بين الحزبين يستعد لها الديمقراطيون بقوة لكشف ملفات ستضع ترامب في اكثر من مأزق ، اذن يبدو وضع ترامب الحالي غير ملائم للمضي قدما في مغامرته مع ايران واصبح مرجحا ان الأزمة تسير نحو التهدئة وكانت اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك قد اظهرت على هامشها هذا التحول المهم .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك