المقالات

تاريخ ظهور قارش ووارش..!


طيب العراقي

 

لاشك أن داعش وسائر التنظيمات الإسلامية المتطرفة، كانت نتاجا طبيعيا للفكر الوهابي المنحرف، الذي صادر المذهب السُني وحجر عليه، وهي وأخواتها وبلا شك وباء وبيل، أحاق بالأمة الإسلامية قبل أن يؤذي البشرية، وينزل بها النوازل، فكيف السبيل لتلمس الطريق، للتخلص من هذا الوباء الوبيل الفتاك

قبل هذا السؤال؛ ثمة سؤال أكبر يفرض نفسه على العقل وهو، هل هنالك رغبة حقيقية فعلية؛ لدى البيئة التي نشأ فيها داعش وترعرع، بأن تتخلى عنه وتعمل على القضاء عليه، خصوصا وأن هناك ثقافة فاشية في تلك البيئة، تعتقد أن داعش وأخواته، يمثلون عزا وقوة بل وفخرا لها!

الحقيقة المفزعة تفيد بأن الفكر ألظلامي، بات متغلغلا في المجتمعات الإسلامية الُسنية بعمق، وهو يبسط وجود في المدارس، والمساجد وفي الجمعيات الخيرية، والمنتديات الثقافية وفي الإعلام، وفي التربية والتعليم، والحياة في تلك المجتمعات متخمة بالممنوعات، التي غالبا ما تتحدث عن الحرام؛ وعن الكفر والتكفير، وحيث من لا يقبل أطروحة الظلام؛ يُعدُ مارقا مرتدا، أو جاحدا وكافرا، وعادة ما تكون النصوص الشرعية، جاهزة بشكل لا يتيح حدا أدنى من النقاش!

التفكير ألظلامي، أنتج التكفير هذا الكائن المرعب، الذي يترتب عليه إزهاق اروح من يوصمون به، ويكاد يكون قد هيمن على طرائق التفكير، وتفاعلات النفوس، ونسق الحياة لقطاعات واسعة من أبناء تلك المجتمعات، ومن لم يتقبل هذا الحال طواعية، فهو مرغم على التفاعل معه بحكم النوع المذهبي!

أصحاب التفكير ألظلامي وحملته والمتشاطئين معه؛ لا حياة في بيوتهم، فهم يمارسون ما تفرزه عقدهم النفسية، حتى على أطفالهم وذويهم، وتسلل هذا التفكير الى داخل بيوت تلك المجتمعات؛ ثم هيمن على العقول، وبات كثير منهم "داعشي" التفكير والمنهج والسلوك، في تعامله مع أسرته ومحيطه الأجتماعي، فهو فظ غليظ.

في تراثنا المعرفي؛ نجد أن الفظاظة والغلظة أرث قديم، يعود الى أكثر من أربعة عشر قرنا، حيث أغلظ بعضهم حتى على رسولنا ألأكرم صلواته تعالى عليه وعلى آله، ساعة رحيله، فقالوا عنه إن الرجل ليهجر، بدل أن يودعوه بمعاهدته؛ على البقاء أمناء على ما جاء به، لكن هيهات ذلك؛ فما جاء به يخالف بشكل تام فطرتهم التي جبلوا عليها!

نعم؛ داعش سينتهي من على سطح الأرض، وسيتم تدمير شجرته في العراق والشام، لكن هذا الفكر الإجرامي، الذي هو نتاج طبيعي لذلك ألإرث، سيقوى وينتشر كالفايروسات.

 إذا لم تقم للأمة الإسلامية بصفحتها السُنية، بتقديم رؤية محدد وواضحة وكلية، لمعالجة عقلانية قد تكون مؤلمة، ولكنها شجاعة، تنقد خلالها التاريخ؛ نقدا يعيد ترتيب الوقائع، ويسمي الأشياء والأحداث بأسمائها، فسوف نشهد ظهور ألف تنظيم متطرف؛ بعد القضاء على داعش!

الحقيقة أن شجرة داعش سيتم تدميرها، لكن ماذا عن الجذور؟!

هذه الجذور ستنتج بالتأكيد أجيالا جديدة، بمسميات وثياب جديدة، معظمها ينسجم مع متطلبات العصر، وسيخلعون الثياب القندهارية، وسيرتدون الجينز والكاجول، وكثير منهم سينزلون الى الساحة؛ ببدلات سموكن وربطات عنق، تفوح منهم عطور ديور!

سوف لن يتخذوا من المغارات والجحور؛ ملاذات ومضافات لهم، وسيهجرون الصحاري والقفار، إذ سيسكنون الفنادق الفاخرة والفيلات الفخمة، وسيعملون في الشركات الكبرى واسواق المال، وسيمتلكون مؤسسات التسوق الكبرى (المولات)، لكننا سنسمع مسميات مثل  باهش وناهش وهارش، وبعدهم أو بالتوازي معهم، سيظهر قارش ووارش!

وتلك حكاية أخرى سنقاربها في قادم الأيام..!

ـــــــــــــ

شكرا 23/8/2018

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك