المقالات

ثقة الجماهير بين السلطة والمعارضة

1477 2019-07-24

سجاد العسكري


ان الانتقاد بدون بدائل لا يصنع نظاما افضل من السلطة الحالية , خصوصا اذا كانت السلطة موزعة حسب استحقاقات انتخابية تم الاتفاق عليها مسبقا ,لتشكل خليط سلطة قد يكون منسجم او قد يصبح في فترات ما غير متجانس , وحسب المصالح والمفاسد مابين القوى التي تشكلت منها السلطة الحاكمة ,لذا ستبداء الإشكالات بالإثارة حول شرعية السلطة , وحق المعارضة , ومطالب الشعب .
ان طبيعة تحالفات القوى السياسية في البرلمان تعكس قوة السلطة لأن السلطة التي ستتشكل عبارة نفس الاطراف السياسية التي توافقت فانتجت السلطة الحالية , وان الكثير من السياسين الفائزين بكتلهم ومكوناتهم قد ينظر للحكومة القادمة مكسب جديد له ,لذا نلاحظ لا توجد معارضة حقيقية بسبب نظام المشاركة (المحاصصة) الذي يعمل على اشراك الجميع , وبالتالي يعمل على اسكات الجميع ايضا لكل خلل يحصل في السلطة الحاكمة وهو ماينذر بخطورة انهيار وتسلط فئوي.
وكذلك سيفرز لدينا من تحت قبة المؤسسة التشريعية المعول عليها قوانين تخدم المصلحة العامة للوطن والمواطن ,لكن ما يحدث ان اغلب التشريعات في البرلمان تمرر وفق منطق سياسي- التحالفات- وليس منطق الدستور , وهو ماينتج قوانين ذات خلفيات سياسية اكثر من كونها تعكس ارادة الشعب او مصلحة الوطن , فكيف بالسلطة وهي القوة التي تعمل قانونيا على مبدأ توجيه النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لبناء دولة قادرة ومقتدرة لمواجهة شتى الظروف .
اذن نحن بحاجة للمعارضة , والمعارضة التي تكون قادرة وبنفس مستوى السلطة على بناء دولة مؤسسات قوية , والمعارضة الحقيقية هي التي تنبثق مباشرة بعد تشكيل السلطة , بسبب عدة اشكالات منها:
اولا: اشكالياتها في طريقة تشكيل الحكومة التي قد تكون غير دستورية او على اسس فئوية ضيقة.
ثانيا: عدم التوافق في البرامج والتصورات التي ترسم سياسة تنموية اجتماعيا واقتصاديا فتراقب وتعض وتنتقد .
ثالثا: كونها رافضة للملابسات والاشكالات و قادرة على التغيير .
وقد تكون هنالك اشكالات اخرى على كل حال , فالمعارضة بتصوري يجب ان تكون قوية وقادرة على الضغط على انحرافات السلطة ومواجهة الفساد وكل مايخرق القانون ويضر بالمصلحة العامة , وكذلك تستطيع تحريك الشارع حقيقتا وواقعا وتحفيزه نحو التقدم والإصلاح والتغيير الذي يوفر الاستقرار الأمني والمجتمعي , وهذا لا يتوفر الا باكتساب شرعيتها من الشارع بحيث تكون قوتها موازية للقوى التي تشكلت منها السلطة ,لذا سيثير هنا اشكال وهو ان القوى التي في السلطة هي نتاج لواقع انتخابي افرز لنا السلطة , فطبيعة حجم جماهير السلطة واحدة من النقاط المهمة في الصراع مابين السلطة والمعارضة.
وعادة ماتكون حجم الجماهير سبب رئيسي في قوة احدهما هذا من جانب , ومن جانب اخر ان انبثاق المعارضة وخصوصا في واقعنا العراقي يأتي ممن هم مشاركين في السلطة بعد اختلافات ومبررات ,ليخرج من غطاء السلطة الى المعارضة , وبدوافع متعددة قد يكون منها ماهو واقعي وما هو مصطنع , والغرض منه كسب تعاطف واصوات الجماهير خصوصا مع اقتراب حدث انتخابي .
المعارضة هي حالة صحية كما يعبرون , والغاء المعارضة وتغيبها يؤدي الى فراغ كبير لا يمكن ان يملاه حزب ما او تكتل محدود- كما اسلفنا- لا يمثل فعلا واقع مطالب وطموحات الفئات الاجتماعية المتنوعة , لكن تبقى هنالك مبررات للمعارضة وهي واقعية كون السلطة لا تقدم الخدمات الضرورية والرؤية الصحيحة التي تشعر المواطن والمجتمع بحالة من التقدم بل على العكس هنالك تراجع كبير في توفير الاولويات لذا ستقفد السلطة الحاكمة ثقة الجماهير , وتلتف حول من يسعى للمطالبة بحقوقها المغيبة .
وبما ان المعارضة هي الوسيط مابين السلطة والشعب , قد تؤثر لتكسب ثقة الجماهير , وبما ان المعارضة هي ليست الاداة الوحيدة للتغير بل هنالك وعي الجماهير ,لكن الجماهير على مايبدو فقدت الثقة بوعود السلطة المتكررة والبطيئة , كما انها فقدت ثقتها بمن يرفع الشعارات للمعارضة ,فمابين السلطة والمعارضة ومطالب الشعب لا وجود لشيء اسمه الثقة عند الجماهير.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك