المقالات

الحشد الشعبي، موقف عراقي وأخر عقائدي

1882 2019-05-17

ضياء المحسن

 

ترتبط أغلب فصائل الحشد الشعبي في العراق عقائديا مع الجمهورية الإسلامية في إيران، بالإضافة الى أنها تحتفظ لها بمواقف كبيرة أثناء الهجمة البربرية لتنظيم داعش الإرهابي، عندما قدمت الجمهورية اٌسلامية كافة أنواع الدعم لهذه الفصائل، من أجل دحر الإرهاب واستعادة المدن من براثنه.

عدا عن ذلك فإن الحشد الشعبي لا يمكن أن ينسى أن ولادته الحقيقية من رحم فتوى المرجع الأعلى السيد السيستاني، والتي لولاها لكان العراق اليوم تغطيه سحابة سوداء، ولكانت أرضه ونساؤه مستباحات (لا قدر الباري عز وجل) كما حصل في بعض المناطق التي تعرضت لغزو برابرة القرن العشرين.

ما يشاع بأن فصائل الحشد الشعبي تأتمر بأوامر قائد الحرس الثوري قاسم سليماني، وأنها تتأهب لضرب مصالح الولايات المتحدة في العراق، خاصة بعد تخفيض الولايات المتحدة لموظفيها غير الرئيسيين، ما هو إلا محاولة لزج الحشد الشعبي والعراق في أتون الحرب التي لن تشتعل كما يريد لها أصحاب الغرض السيء؛ ذلك لأن الحرب ليست نزهة في إمارة موناكو.

لكن الصحيح أيضا إن فصائل الحشد الشعبي تتأهب لكل أمر طارئ، فمحاولة زج اسم العراق والحشد الشعبي في الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية، قد يكون من وراءه هدف خطير؛ يتمثل بضرب العراق بحجة أن (الميليشيات المتعاونة مع إيران) تريد ضرب مصالح أمريكا في العراق والمنطقة، وهو الأمر الذي تنبهت إليه قيادات هذه الفصائل.

حتى مع ملاحظة إرتباط هذه الفصائل عقائديا بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، يجب أن لا ننسى أمرا بالغ الأهمية، ألا وهو أن الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية تاتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة، والعراق اليوم يحاول أن ينأى بنفسه عن الصراعات الخارجية، لكن هذا لا يمنع من تدخله بما يمتلكه من صداقات لدى الطرفين المتنازعين من أجل التوصل الى حل يرضي جميع الأطراف، ويجنب المنطقة الدخول في حرب تلهب الصيف الذي يقترب شيئا فشيئا.

لكن هل الحرب بين المتصارعين قائمة؟

إعلاميا نستطيع الجزم بأن الحرب قائمة على قدم وساق، من خلال التحشيد على جميع المستويات، وأخرها تخفيض عديد موظفي السفارة الأمريكية في بغداد وأربيل، لكن حقيقة كل منهما يفكر ب(براغماتية) فيما يمكن أن يحصل لو قامت الحرب فعلا، والنتائج الوخيمة التي سوف تجري على المنطقة والعالم، خاصة وأن المنطقة تجلس على برميل نفط لو انطلقت رصاصة واحدة سوف يشتعل ويحرق الأخضر واليابس.

هذه الحشود ما هي إلا رسائل يتداولها الجانبين في محاولة للضغط للجلوس الى طاولة المفاوضات وفق شروط يضعها كلا منهما، ذلك لأن الجميع يعلم يقينا أن الولايات المتحدة لو ارادت حقا إسقاط نظام الحكم في إيران، لن يكفيها حاملة الطائرات لنكولن وما يقرب من 90 طائرة وقاذفتي قنابل، فإيران 2019 ليست هي نفسها إيران عام 1987.

إن الهدف الأول مما يجري حاليا في منطقة الخليج وبحر العرب، ما هو إلا إستعراض للقوة من الطرفين، وحتى لو وقعت الحرب ستكون محدودة وسريعة، ذلك لأن خروجها عن مسارها سيكون مكلف لجميع الأطراف، وعلى الجميع أن يتأمل نتيجة الحرب على العراق، التي استنزفت أكثر من ترليون دولار، ناهيك عن الخسائر البشرية التي قاربت على المليون قتيل، وستكون الحرب (لو قامت) مكلفة أربعة أضعاف ما كلفته الحرب على العراق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك