المقالات

سياسة بلا مبادئ!

1710 2019-05-07

ضياء المحسن

 

يعد علم السياسة حقل من حقول المعرفة، وهو علم إنساني تنصب إهتماماته على دراسة النشاطات السياسية للإنسان من قبيل الحكم والتصويت والضغط السياسي وتكوين التنظيمات السياسية " أحزاب وجماعات ضغط ومصالح".

يمثل الإنسان مركز السلطة، وعليه لا يمكن فهم الإنسان إلا عبر معرفة علم السياسة، وكيفية تشكل السلطة وتطورها وأدواتها، كما أنه يقودنا الى معرفة كيف يتم بناء المجتمع وطبيعة الحراكات السياسية والإجتماعية والإقتصادية داخله، بالإضافة الى أن هذا العلم يقودنا الى مناقشة كيف تطور الفكر تجاه الفرد والمجتمع والدولة، والعلاقات الضابطة بينهم، وأخيرا فهو يخبرنا عن علاقة التأثير والتأثر لكل من الدولة والحكومة في كل منهما.

يقول غاندي "سبعة اشياء تدمر الإنــسان: سياسة بلا مبادئ، متعة بلا ضمير، ثروة بلا عمل، معرفة بلا قيم، تجارة بلا أخلاق، عِلم بلا إنسانية، العبادة بلا تضحية".

في عالم السياسة، ليس من المفترض أن تكون الحسابات مجرد أرقام، مع تداخل المصالح وإجادة المعارضين لسياسات الحكومة، بدون أن ينظروا الى أن النتيجة ستكون جماعية، ذلك لأنه كما أن المعارضة تسأل الحكومة عن كل ما تقوم به، فعلى النواب أن لا ينسوا نصيبهم من تمكين الحكومة بالعمل بدون ضابط أو رقيب أو تقويم لعملها؛ إلا إذا إستثنينا ظهورهم على القنوات الفضائية والتشهير بالحكومة من باب لي الذراع ومحاولة إقتناص ما لم يتمنكوا من إقتناصه وراء الأبواب المغلقة، وهم بهذا يحاولون إحراج الحكومة ليس إلا..

في عالم السياسة، ليس دائما النتائج تكون متطابقة "فحساب الحقل يختلف عن حساب البيدر" لأنه ليس عملية جمع رقمين مع بعضهما، بل هو عملية متداخلة، فكما أن الحكومة تخطئ كذلك فإن لمجلس النواب نصيب من تلك الأخطاء التي ترتكبها الحكومة، كونه لم يستعمل الحق الذي لديه وهو مراقبة عمل الحكومة وتصويبه عند الضرورة، وهو ما لم نره طيلة عمر مجلس النواب.

هناك آثار عملية ليساسة بدون مبادئ أو أخلاق، وفي هذا يقول عالم الإجتماع الفرنسي (غوستاف لوبون): إن أسباب سقوط جميع الأمم الذي يذكرها التاريخ بلا إستثناء هو تغير طرأ على مزاجها العقلي ترجع علته إلى إنحطاط الأخلاق ويقول (روجيه غارودي) عن الميكافيلية التي تعتقد أن الغاية تبرر الواسطة: "هي الحيوانية السياسية التي تحددها تقنيات الوصول إلى السلطة، وليس التفكير في الغايات الإنسانية للمجتمع" في الوقت الذي نعى القرآن الكريم الذين يلبسون الحق بالباطل، ((وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ))البقرة42 أي يلجأون إلى الخداع اللفظي والفكري ، وخلط الأوراق، إنها صورة السياسي الذي يموه الجماهير كي تسير وراءه، بينما نجد أن المبادئ الثابتة والجوهر الثابت تعطي المجتمع نوعا من الأمن واليقين.

تعد السياسة أُم الممكنات، بل هي الممكن ذاته، فهناك متغيرات دائمة في المواقف وهناك ليونة لابد منها في مواطن كثيرة تفرض نفسها على السياسي، لكن الصحيح أيضا، وجود ثوابت ومبادئ لا تتغير ولا تتبدل مع الزمن والشخوص، ولابد من الإصرار عليها، فالوصول الى السلطة والكرسي ليس هو الغاية؛ إنما هو وسيلة لتحقيق برنامج إنتخابي تعد فيه جمهورك الذي يقف خلفك.

إنطلقت بعض الأصوات مؤخرا لإصدر عفو بمناسبة شهر رمضان الكريم، بحجة إحتواء هؤلاء المجرمين. ونحن نقول إن هذا ليس من السياسة بشيء، لأن المجرم لن يزداد إلا إجراما وأذى لشعبه وجيرانه، إنها دعوة لمساعدة المعتدي ليتجرأ أكثر على الضعيف، فهل من المعقول أن يتوسط شخص بين الذئب والحمل!!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك