المقالات

رجل .. صنع ثورة من القصب والبردي!

1644 2019-02-25

أمل الياسري

 

الأشجار لا تخطئ أبداً، فلم نشاهد يوماً أن شجرة البرتقال قد أثمرت موزاً، ولا سنابل القمح طرحت رزاً، فكل شيء قدره الخالق (عز وجل) تقديراً، وجعل له سبباً، أما الحاكم فلا يريد من المفكر تفكيره الحر، الذي يطرح أفكاراً مثمرة، وإنما تفكيره الموالي، أي أن يدعم الطاغية في طغيانه وسطوته، ويثمر عنفاً، وتطرفاً، وتعصباً، وهذا ما قاله توفيق الحكيم، حول الطغاة الشياطين العرب، الذين يستطيعون أن يكونوا ملائكة الوحدة العربية، لكن أمام الحمقى والسذج فقط!

الطاغية المقبور، وخفاش الليل الذي صور للعالم، بأنه القائد الضرورة، وكأنه نسر يرتع أعالي المجد الزائف، ولم يدرك أن ثورات الكراهية التي زرعها، وأسهمت في رسم صورة القمع والإستبداد، إبتداءاً من الجبل، والسهل، والهور، والصحراء، ستتظاهر كلها ضده، فلم يجد إلا حفرة جرذ تأوي نفاياته القذرة، وأمسى القرش الأوحد نافقاً يأكله النمل، مستكرهاً جسده النتن، المحمل بأنواع الأحقاد والضغائن، لا لشيء إلا لأنهم موالون لأهل البيت (عليه السلام)، ويرفضون الخضوع، والخنوع لحكم بين أمية البغيض!

رفض الموت في أي بقعة غير العراق، وأنتظر عشرات السنين ليكمل مسيرته الفذة، رغم أنوف العفالقة المجرمين، صاغ من الأهوار ملحمة جهادية، وعلم الأحرار كيف تكون الحياة، فأستحق أل الحكيم البقاء والخلود، شع بها الضمير العراقي، فبات أسد الجنوب صوتاً للثائرين، موشحاً بالفضيلة والحرية، فشهد النهر زحفه الخالد، نحو المسيرة الحمراء مدافعاً، عن العراقيين سنة وشيعة، فبث الوحدة والتسامح، في ظرف حساس مر به العراق، أبان سقوط الطاغية، فأضحى الرابط الموحد، والعروة الوثقى لعراق جديد!

السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره الشريف)، لم يكن شجرة معطاءة فحسب، بل لوحة تصدح بالبطولات، والمآثر، والمناقب، في زمن ساد فيه الظلم والخوف، من دكتاتور أنتجته أصابع الإستكبار العالمي، ليمزق وشائج الطيف العراقي، وليجد مجالاً لأقصاء الطائفة الأغلبية، ويسحقهم في غيابت الجب، ولم يدرك إخوة يوسف، أن الأفكار الخاطئة التي روجوها في أيامهم، ما كانت لتأخذ قدم صدق عند الأحرار والشرفاء، فأنار بفكره وجهاده، الطريق الثوري لمجاهدي العراق، الذين فضلوا الموت بين ذراعي الوطن!

القانون الدموي، الذي أقامه الطاغية المقبور لازمنا لعقود مضت، على أن آفاته وصعاليكه، بقيت تحصد أرواح الأبرياء، ورغم ذلك فأننا ماضون على درب آل الحكيم، الذين تعلمنا منهم دروس الشهادة، والتضحية، والفداء، فهم يمثلون طريق المرجعية الحكيمة، وصمام الأمان، وهي إمتداد طبيعي لنهج الإمام الحسين (عليه السلام)، فليس من باب الصدفة، أن تجتمع الحكمة والعدالة، في شخصية كالسيد محمد باقر الحكيم (قدس سره الشريف) فإختار لقاء ربه راضياً مرضياً، في مدينة جده علي (عليه السلام).

بطل للثورة الجنوبية وسط الأهوار، في صور مملوءة بالإعتدال، والرؤية الثاقبة، فأخذوا يصولون طولاً، ويجولون عرضاً، ليخدموا شعبهم العظيم، وأتحفوا العراق بزعامة، تمثل عمق التلاحم الفكري والثوري لشهيد المحراب، فسلام عليه يوم أنتفض من أجل حرية العراق، في مسيرة جهادية سيرها الإيمان بالقضية، والتوكل على الباريء (عز وجل)، ثأراً لصمت القبور، ورفات الشهداء المغدورين، وصراخ الثكالى، وأنين الأيتام، ((فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)) فعهداً علينا إنا على درب شهيد المحراب لسائرون.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك