المقالات

العملية السياسية؛ إلباس الخيانة ثياب العفاف..!


طيب العراقي

 

إذا رأيت حربا يجبن شجاعها، ويجرؤ جبانها، فاصعد الى رابية وانظر جيدا، ترى في الأمر خيانة..هذه إحدى مآثر التراث قالها (قس بن ساعدة الأيادي)؛ أحد حكماء العرب قبل الإسلام، وما يجري اليوم على ساحتنا العراقية سياسيا، ينطبق عليه قول حكيم العرب أيما إنطباق..

ربما لم يفت على أي منكم أن المدن العتيقة، تنمو داخليا بشكل تراكمي، فبغداد هذه المدينة الموغلة بالقدم، حتى قبل أن يتخذها المنصور الدوانيقي عاصمة لملكه، هدمت وبنيت بيوتها وحاراتها عشرات وربما مئات المرات، وجيلا بعد جيل يهدم بيت أو عدة بيوت، أو ربما حي بأكمله تدريجيا، ليحل محلها وفوقها، بيوتا وأحياءا جديدة، بساكنين جدد يمتون بشكل ما الى سابقيهم، لكنهم يختلفون عنهم طباعا، وسلوكا، وآمالا ورغبات..

سنة الحياة هي الهدم وبعده البناء، ولا شيء الى ثبات إلا الثابت الأوحد خالق الأكوان، وفي السياسة أيضا تجري على الدوام عمليات هدم من أجل البناء..!

هذه الظاهرة السننية، تتسع في العمل السياسي، فبعض "البيوتات السياسية" يتم ترميمها لكي تناسب ساكنين جدد؛ مع بقاء الآباء وربما بعض الأجداد!

 بعض الكتل السياسية تتهدم ذاتيا، وتذهب مكوناتها كل الى طريق، بحثا عن بيت جديد!

 بعضها الآخر، تتكوم على بعضها البعض ركاما بطموحاته ومشكلاته، ليشكل كتلة جديدة، هي عبارة عن كومة مشكلات!

 بعضها الثالث يتشظى الى الأبد؛ ولا تقوم له قائمة، مكتفيا بالذكريات، أو بما تحت يده من إمتيازات، ثمة بعض لا يجد له مكانا في أي بيت جديد، فيبقى محاولا طرق الأبواب، عسى أن يسكنه أحد معه، ولكنه يفشل بالعثور على مسكن، لأن المساكن جميعها باتت مشغولة!

أشباه الرجال ممن لا يجيدون إلا ركوب الموجة، علها توصلهم الى موجة أخرى، يتصدرون المشهد، إذ من موجة الى موجة، وإذا هم ربابنة سفينتنا، التي نمخر بها عباب المستقبل..هذا حال كتلنا السياسية هذه الأيام.

في مجلس النواب؛ صراع بين الساسة، يندرج تحت عنوان البحث عن أدوات تنفعهم؛ في عمليات الهدم والبناء، لتوفير مواطيء قدم في الدولة والحكومة.

حصل هذا بسببين؛ الأول لأنهم بهلوانات، إستطاعوا إجادة فن إستغفال قسم كبير من الشعب، وإستحمار قسم آخر منه، فتسلقوا على أكتافه، ليصلوا الى مبتغاهم، في مراكز المسؤولية والتمثيل النيابي.

الثاني، وهو ليس عيب فينا، ولكنها حقيقة يجب أن نتحلى بشجاعة الأعتراف بها؛ إذ أننا لا نتوفر إلا على حد مناسب من التجربة السياسية، ولأن الإنسان لا يتعلم مجانا، فقد أنفق شعبنا من عمره سنوات مهمة، وأموالا ضخمة، و..أيضا دماءا عزيزة غالية، لكي يتعلم اللعبة السياسية على أصولها.

بعد قرابة ستة عشر عاما، اشتد ساعدنا، وقوى عودنا، وزادت معارفنا السياسية، وتراكمت الخبرة لدينا، كما أننا قمنا مرارا وتكرارا بمراجعة لما أنجزناه، ووجدنا أن ما أنفقناه من نفقات أشرت اليها، كان أجسم مما حصلنا عليه؛ من ناتج سياسي ومؤسساتي وأمني وخدماتي..

الخيانة هي أن يجبن القادة السياسيين عن تحقيق الأهداف، برغم أنهم يقفون فوق الهدف تماما..وما يجري حاليا هو إلباس الخيانة ثياب العفاف..!

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك