المقالات

لنحافظ على ما تبقى من بلادنا 


محمد كاظم خضير 


الاتهامات والسجالات وتحميل المسؤوليات لهذا الفريق أو ذاك لن تنقذ العراق مما اصابه من تصدع وانهيارات خلال سنوات الفوضى الخلاقة منذ 2003 حتى الان، ، بالاضافة الى ما نشهده من تحولات مفاجئة وغير متوقعة تجعلنا جميعا أفرادا ومجتمعات ودوّلا واحزابا وطوائف في حال من الضياع، نتبادل الاتهامات حول مسؤولية الفشل في مواجهة التحديات الصغيرة والكبيرة .

جميعنا ضللنا الطريق الى بناء الدولة الحديثة وصناعة الاستقرار، الأنظمة اعتقدت انها بالانتصار على المجتمعات وتفكيكها يمكن ان تبقى وتسود، والشعوب اعتقدت بأنها ستحقق ما تصبو اليه من خلال تدمير دولها ومؤسساتها، وكانت النتيجة بأن خسرنا دولهم ومجتمعاتهم معا، اعتقدت بأن خراب هذه المجتمعات ودولها سيعود عليها بالقوة والسيطرة وتقاسم النفوذ، وعندما جاء الجيش الاميركي الى العراق أيقنت دول الجوار بأنها كانت تطارد خيط دخان في العراق وهي تبحث الان عن ادوار مغايرة .

في احدى المرارت التقيتُ بمسؤول في أحد اللقاءات ، وكان يتكلم وسألته عن سبب عدم توظيف الأموال في تحسين واقع العراق، فأجابني بكل ثقة وبلهجته العراق : «ونجيب اليأس منين « واستطرد في حديثه عن قوة اليأس في مواجهة الاعداء، وكيف ان اليأس العراقي حاربنا الارهاب عشرات السنوات، والسؤال الان هو كيف سيكون حال المشرق العربي ودول الجوار مع عشرات الملايين من اليائسين البؤساء، وهذا ما يجب ان نتأمله بدقة لتأثيره القاطع على استقرارنا ومستقبل اجيالنا، وعلى دول الجوار ولو بعد فوات الاوان.

علينا التوقف عن صناعة اليأس والكراهية والهروب الى الامام وانتقاد بعضنا البعض أفرادا واحزابا وطوائف وذبابا إلكترونيا، لان من يزرع الشوك يجني الجراح، والترف مكلف وقاتل هذه الايام حيث يسود اليأس لدى الفقراء المشردين في خيم البؤس والنزوح، ويسيطر اليأس على اصحاب النفوذ والثروات وتجار الحروب وحملة السلاح على تنوعهم العقائدي والطائفي والرسمي وغير الرسمي، واليأس يسيطر على جماعة العمل والانكفاء، الكل يائس الى حد الانفجار .

يدرك الجميع بأن الفوضى الخلاقة كانت عملية انتحار جماعي، لا فرق فيها بين الضحية والجلاد ولم تستثنِ جماعة او مكانا، وكانت سنوات طويلة من تدمير الذات واوهام الانتصارات، مما قد يضاعف المخاوف من حالات عدمية في السياسية والأمن، والتي قد تصبح أدوات خطرة في مرحلة تصفية الحسابات وتحول العراق الى ساحة للانتقام، لان بعض هؤلاء فقد اسباب العودة الآمنة الى الانتظام العام والحياة الطبيعية لكثرة ما ارتكبوا من جرائم وموبقات .

علينا ان نراجع أنفسنا وان نعتذر من مجتمعاتنا على أخطائنا وفشلنا، ومقامرتنا بوجودنا وأجيالنا ودولتنا الوطنية، وارتكابنا الجرائم بالفعل او بالصمت والانكفاء او بالتكاذب الطائفي والمذهبي وبيع الولاءات، انها لحظة بالغة الخطورة، سبق ان تعلمنا دروسها القاسية ايام القتل والدمار 2005و 2006 في العراق وخلال الفوضى الخلاقة من 2014 مع ما عانيناه من انهيارات واغتيالات.

انها دعوة الى تجديد صناعة الامل والتخلي عن صناعة اليأس الذي يهدد اطفالنا ومستقبل اجيالنا، وبعيدا عن الشطارات والمهارات فلنتوقف عن تيئيس وتخويف بعضنا البعض وبكل شجاعة «تعالوا نحافظ على ما تبقى من بلادنا ».

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك