المقالات

هل يصبح العراق ساحة حرب اقليمية؟!


محمد كاظم خضير

ما حصل في الأيام الماضية من انتشار القوات الأمريكية في العراق، ليس مجرّد دوريات, كادت في الآونة الأخيرة أن تصبح روتينية, بقدر ما يُعتبر بمثابة مرحلة جديدة من المواجهة الحامية بين امريكا وإيران، تنذر بتطورات بالغة الخطورة على الأمن والسلام الهش في المنطقة, وقد تؤدي في حال تكرارها إلى نشوب حرب إقليمية, على الارض العراقية.

اعتراض دورية أمريكية، يُعتبر رسالة على جانب كبير من الأهمية الى واشنطن, تعلن تغيير قواعد اللعبة في الاشتباكات السابقة, والانتقال إلى فصل جديد من فصول المقاومة، بين امريكا والمقاومة, والذي كان يتم, حتى الأمس القريب بواسطة أطراف ثالثة, مثل «داعش» في العراق .

وإذا وضعنا هذا التطوّر الخطير في سياقه الحدثي واللوجستي, يتبين لنا بوضوح مدى اقتراب الطرفين من المواجهة المباشرة. واشنطن أعلنت في البداية عن اعتراض دوريتها, وقامت بالرد على هذا الاعتراض بتحليق مكثفة على المواقع العسكرية,العراقية .

ولكن نجاح القوات الحشد الشعبي باعتراض دورية, شكّل صدمة للقيادة العسكرية الأمريكية، التي شككت بأن تكون إيران أدخلت سلاحاً جديداً ومتطوراً إلى الأراضي العراقية, قد يُشكّل بداية تمركز متوقع من الجانب المقاومة على مقربة من مقاراتها العسكرية!

المتابع للتصريحات الأمريكية، وما تداوله إعلام الأمريكي، على هامش المزاعم السابقة, لا يستبعد إمكانية لجوء واشنطن إلى تنفيذ ضربات مركزة, لأهداف مختارة مقارات الحشد و«حزب الله», تحت شعار «ضربات الوقائية», خاصة في إصرار الحشد الشعبي على رفض إخلاء المنطقة المحاذية للحدود وصولاً إلى مثلث الحدود السورية - الأردنية -التركي.

هذا لا يعني أن المواجهة واقعة حتماً غداً بين الطرفين, ولكن مثل هذا الاحتمال يجب أن لا يغيب عن حسابات العراقي الرسمي, الذي قد يجد نفسه فجأة في دوّامة معركة، البلد غير مهيّأ لخوضها.

كيف يمكن لعراق أن يُواجه أحداثاً على هذا القدر من الخطورة, في ظل هذا الانقسام في مؤسساته، واستفحال الخلافات السياسية والشخصية بين مراجع القرار؟

وهل يستطيع العراق أن يصمد أمام «حرب إقليمية» بهذا الحجم, في حالة عدم الاستقرار السياسي الذي يلفّ العهد الحالي, حتى الآن؟

ومَن قال أن قرار الحرب والسلم, سيبقى في يد الدولة, والقيادات الرسمية والشرعية, وفي مقدمها الجيش العراقي، في حال اندلاع المواجهة الحربية فجأة؟

الواقع أن مثل هذه الاحتمالات تتطلب حالة من الاستنفار الوطني الشامل, يتم من خلالها طيّ صفحة الخلافات بين أهل الحكم أولاً, والابتعاد عن سياسات الخرافات والكيديات التي تمارسها بعض أطراف السلطة ضد بعضها, وإعطاء الأولوية المطلقة لتعزيز قبضة الدولة على الأمن في الداخل, وعلى الاحتفاظ بالمبادرة بيد الحشد والجيش على الحدود السورية.

ولا ندري إذا كانت وزارة الخارجية, بوضعها الراهن, قادرة على تنظيم حملة ديبلوماسية واسعة, لتجييش التأييد العربي والدولي للعراق, قبل تعرضه لاحتلال أمريكي جديد, وذلك بدءاً من تنقية الأجواء مع الدول العربية,، وصولاً إلى عواصم القرار الدولي, طبعاً باستثناء واشنطن, التي يُجهر رئيسها بمناسبة وبلا مناسبة, بدعمه الصارخ لعودة قواته .

مثل هذه الحملة تتطلب تفرّغ وزير الخارجية الهمّام لهذه القضية الوطنية, بعيداً عن الحسابات الحزبية الضيّقة, وعن كل ما يسيء إلى تفاهمات أهل الحكم!

الأخطار المحدقة بالبلد ليست خافية على أحد, والمطلوب تحرّك وطني بمستوى الخطر الذي يتهدد الوطن!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك