المقالات

السياسة والوفاء بالعهود والعقود!!

1597 2018-12-23

ضياء المحسن

 

نجد القرآن الكريم يخاطب دائما بصيغة الجمع، فيتكلم عن المؤمنين والمنافقين؛ وهو هنا يؤسس لفكرة أن عمل الإنسان عمل جمعي قبل أن يكون فردي، ومن ثم فإن المؤمن في جميع أعماله إنما يصب في مصلحة الجميع، ومن بعدها ينهل منه الفرد نفسه في الأعمال التي يكون لها مساس بأمن وقوت المواطن، لا يجب التفكير في المصلحة الخاصة وتغليبها على المصلحة العامة، لأن ذلك يقلل من مصداقية الشخص المتصدي للمسؤولية؛ ويحكم على تاريخه السياسي بالموت.

 لذلك فإننا نلاحظ أن المرجعية الدينية " من خلال خطب الجمعة" دائما ما تؤكد على جميع السياسيين بضرورة الإلتفات الى مطالب المواطنين وعد تحقيقها أهمية قصوى لا يدانيها في الأهمية إلا تعرض الوطن لإنتهاك من قبل الأجنبي ومع هذا فإننا نلاحظ أغلب السياسيين من الطبقة الأولى، يتناسون مشاكل المواطن ويركزون على مشاكلهم وهمومهم، وكأن المواطن إنتخبهم فقط لينجزوا الأعمال التي تضمن لهم العيش الرغيد بعد أربع سنوات " يقضون أكثر من نصفها يجوبون عواصم العالم المختلفة" أما مشاكل المواطن وهمومه فهي بالمرتبة الأخيرة من إهتماماتهم.

 هذا الأمر إنسحب على الطبقة السياسية التي تلي أعضاء مجلس النواب والوزراء، ليشمل أعضاء مجالس المحافظات والمحافظين " طبعا ليس الجميع تنطبق عليه هذه الصفة" فبات عضو مجلس المحافظة يقتنص لنفسه فرصة من هنا أو هناك، بعيدا عن الشعور بمسؤوليته تجاه الناخب الذي منحه صوته، وأن ما يفعله هو تجاوز لصلاحيات الموقع الوظيفي الذي يشغله.

 ثم " وهو الأهم في كل ما تقدم" المال الذي يحصل عليه من الوظيفة ولعدم قيامه بواجباته على أكمل وجه يعد من وجهة نظر شرعية مال سحت قد نجد العذر لأعضاء مجلس النواب وأعضاء مجالس المحافظات، الذين ليس لهم إطلاع بالدين " ولا أقصد أنهم غير متدينين لا سامح الله" إنما أقصد أن الكثير من أعضاء جلس النواب وأعضاء مجالس المحافظات، من الذين لم يلتحقوا بمدارس الحوزة العلمية الشريفة، وبالتالي فليس لديهم تفكر عميق في الأمور الشرعية والتي لها علاقة بشروط التعاقد والعقود من قبيل (( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)) التوبة 111.

هذه الآية تبين لنا بأن العقد هو قبول وإيجاب بين البائع والمشتري، كذلك في مسألة منح الناخب صوته لأحد المرشحين فهو يعني بأن على المرشح الإلتزام بما وعد به الناخب قبل أن يعطيه صوته، أما أن ينكث الطرف الأخر فهذا عقوبته الدنيوية خزي وطرد من الحياة السياسية، وفي الأخرة عذاب أليم.

 لكن إن من بين أعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات من يدلس على الناخب ويحاول إيهامه بكلام منمق في محاولة لكسبه الى صفه، فهو مسألة مرفوضة قطعا ، إن أمن المواطن وحياته وقوته اليومي هو خط أحمر على الجميع أن لا يتجاوزوه مهما كانت الظروف والأسباب.

 أو ليس الله عز وجل يقول في محكم كتابه الكريم ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ)) المائدة1، ونستشف من الآية الكريمة أن على الإنسان أن يفي بالوعود التي قطعها على نفسه ما دامت لا تتنافى مع شرع الله سبحانه وتعالى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك