المقالات

العراق.. بين أزمة الاعلام والاعلام المأزوم

1881 2018-12-14

علي الطويل


لعل من سلبيات التجربة العراقية بعد التغيير هو الانفتاح الا محدود على وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي فبعد ان كان الراي مخنوقا ومسلوبا والخبر تسمعه من قناة واحدة هي قناة الجلاد ليتلقاها الضحية انفتح الباب على مصراعيه في تلقي الخبر والفكرة والمعلومة والراي من كل اتجاه بدون ضوابط ولا محددات تضبط هذه الحركة وتوجهها بما يخدم مصالح البلد ويحقق الاهداف المرجوة وتحافظ على النسيج الاجتماعي والاخلاق والاداب والسلوكيات الاجتماعية ،مما ادى بالتالي الى خلق حالة من الفوضى الاعلامية ليس لها رادع ولا ضابط ،وقد استغلت الكثير من المواقع الاعلامية والفضائيات ووسائل التواصل هذا الانفتاح لتمارس اجنداتها المشبوهة في تمزيق وحدة الصف العراقي اولا والتاثير في عادات واخلاقيات المجتمع وزرع عادات جديدة غريبة عن موروث المجتمع وثقافته الدينية والاجتماعية وبالتالي التاثير على سلوكه بما يخدم تلك الاجندات الخارجية ذات الاهداف البعيدة. ومما لاشك فيه ان التاثير المعرفي للاعلام هو اشد من التاثير السلوكي لان التاثير المعرفي هو عميق الجذور يشمل الاعتقادات والاراء والهويات التي تتاصل في داخل الفرد وتتحكم بسلوكه ،بعكس التاثير السلوكي الذي يضمحل باضمحلال المؤثر لذلك فان تاثير الاعلام في هذه الموارد يكون قويا في محصلته لان الاعلام بسبب قدرته على استمالة الافراد والجماعات بسبب التكرار والتنوع وقدرته على التغلغل في الحياة . وقد ادركت الامم خطورة الاعلام وسلطته وسطوته على الافكار فاخذت تنفق الملايين لتحقيق سياساتها من خلاله واقناع الجمهور بشرعية خططها وبرامجها .وفي تجربتنا العراقية فان هناك خللا واضحا في التعاطي مع هذه القضية اذ اننا نشهد اعلاما مأزوما يبث سمومه وافكاره لتفكيك المجتمع والثاثير في ثقافته بلا رادع قانوني ولا خطط او برامج تحصن المجتمع من اثاره ، وما كشفته وسائل الاعلام مؤخرا لعدد المواقع الالكترونية المتعددة والتي تدار من خارج العراق وتبث سموموها في الداخل العراقي يجعلنا ندق ناقوس الخطر بوجوب معالجة الامر وبسرعة قبل نصل الى ما لاتحمد عقباه .لذلك فيجب ان تعالج الحكومة الحالية والحكومات القادمة الازمة الاعلامية التي يعيشها العراق وان تعطي الاولوية للاعلام الهادف المنضبط وان تضع القوانين والخطط التي تحافظ على مسار اعلامي واضح يكون اساسه مصلحة البلد والحفاظ على نسيجه الاجتماعي واخلاقياته وثقافته الاصيلة.وان يكون اعلامنا اعلام دولة لا اعلام حكومة كما جرت عليه العادة، ويكون عصريا هادفا ينتهج الحوار ويعكس رؤية الدولة وكرامة المواطن ومكارم الاخلاق وشرف الامانة واحترام الانسان وان يطور هذا الاعلام ادواته بما ينسجم والتطور العلمي ،وان يطور اساليبه وينتهج المصداقية والمهنية ملتزم بثوابت الوطن ويبتعد عن الابتزاز والتشهير والتسقيط ليكون بديلا عن الاعلام المشبوه ذوالاغراض الواضحة في طمس الهوية والمنظومة الاخلاقية وتاجيج الشهوات.وان يحدد هذا الاعلام بضوابط وانماط تنظيمية ذاتية ورقابة على ادائه لضمان جودته والاطمئنان على رسالته الهادفة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك