المقالات

سياسة العراق الخارجية والمصلحة الوطنية


عبد الكاظم حسن الجابري

كل دولة في العالم تسير بنهجين: نهج داخلي يتضمن إدارة شؤون البلد وتقديم الخدمات للمواطنين, ونهج يهتم بالسياسة الخارجية ورسم شكل وطبيعة العلاقات الدولية وآلية تعامل تلك الدولة مع بقية دول العالم.

ولكن المهم في هذا الأمر هو كيفية توجيه العلاقة مع دول العالم في حفظ المصلحة العليا لتلك الدولة, ودرء الأخطار الخارجية والداخلية عنها, وإنشاء قاعدة عريضة من العلاقات قائمة على أساس الاحترام المتبادل بين تلك الدولة وبقية دول العالم سواء دول متجاورة أم إقليمية أو دولية.

والعراق كباقي دول العالم لا يبتعد عن هذين المنهجين, ولكنه يختلف بطبيعة واقع الحال وسياسة الدولة المتخبطة حاليا, فالوضع الداخلي منفلت بكل أشكاله إداريا وسياسيا وامنيا وخدميا, وهذا الانفلات له امتدادات ومغذيات خارجية من دول الجوار والدول الإقليمية, والوضع الخارجي يتسم بالتخبط والعشوائية ولا نلاحظ وجود شخصية اعتبارية للعراق إمام دول الجوار بحيث تجعله رقما صعبا في المنطقة بسبب الخطط والإستراتيجيات الخارجية الفاشلة, والعلاقة القائمة على أساس اتقاء الشر فقط كما يقول المثل الشعبي" كفيان شر ملا عليوي"

إن وزارة الخارجية هي العين الوطنية التي تعد الخطط لرسم منهج التعامل مع الدول الخارجية, وهي المسئولة عن تحضير البروتوكولات وإعدادها والخاصة بإقامة أي اتفاقية أو شراكة مع بقية الدول.

كذلك على وزارة الخارجية مراقبة تصرفات الدول الأخرى وتحديد سياساتها تجاه البلد وإعداد تقارير مفصلة بذلك وتقديمها لمجلس الوزراء لاتخاذ إجراءات خاصة تنسجم وطبيعة سلوكيات تلك الدول تجاه العراق.

ولكن نلاحظ إن وزارة الخارجية أصبحت تغرد خارج السرب فوزيرها الكردي نرى اغلب تصريحاته لا تتوافق مع الرأي الحكومي, كذلك اذرع وزارة الخارجية لم تتخذ دورها الصحيح واقصد هنا السفارات والقنصليات والممثليات, فغالبا ما نسمع تصريحات من مسئولين في تلك الأذرع لا تنسجم والتوجه الحقيقي للبلد, بل على العكس نجدها أحيانا عدائية تجاه العراق كتصريح نائب السفير العراقي في السعودية قبل مدة.

كذلك نجد الشكاية من الطلبة المبتعثين ومن المواطنين المقيمين في دول أخرى بان السفارات هناك لا تقدم لهم يد العون, بل أحيانا يبعدون ويهددون في تلك السفارة, كما إن تعيين السفراء يتم بموجب محاصصة مقيتة ويعين السفير على طبيعة الدولة التي سيكون سفيرا فيها كأن يكون سنيا في الدولة السنية كما في السعودية وشيعيا في الدولة الشيعية كإيران وكرديا في الدول التي للأكراد حضورا فيها كألمانيا.

ويبقى الدور المهم في السياسة الخارجية هو : إقامة شخصية اعتبارية للعراق قائمة كما قلنا على أساس الاحترام المتبادل وعلى أساس التعامل بالند لا بالدونية, وعلى وزارة الخارجية تحديد آليات تنسجم مع مستجدات الواقع الذي تفرضه الظروف الحالية للبلد.

كذلك الحكومة ورئاستها عليها العمل أكثر في سبيل الحفاظ على هيبة الدولة داخليا وخارجيا.

وغالبا ما يلعب العامل الاقتصادي دورا مهما في رسم العلاقات الدولية, فالعراق حاليا يخلو من المصانع والمعامل ويعاني نقصا في الإنتاج الزراعي, وأصبح بلدا مستهلكا بصورة كبيرة, ويعتمد على ما تصنعه وتنتجه الدول المجاورة, لذا فمن الممكن استثمار هذا الأمر في التعاون مع الدول التي تدعم العراق وتشجيع شركاتها ومنشآتها وإعطاءها الأولوية في الدخول للسوق العراقية, وأما الدول التي تدعم الإرهاب وتعمل على تعطيل عجلة النمو فيه فبالإمكان حرمان شركاتها من الاستثمار والعمل في السوق العراقية, فبدلا من إغراق العراق بالبضاعة التركية والسعودية وهما دولتان لا يريدان الاستقرار للعراق والشركات التركية خصوصا تحتل نسبة كبيرة من حجم العمل العراقي فبالأماكن إلغاء تراخيص تلك الشركات ومنع الاستيراد ليكون العامل الاقتصادي قوة ضاغطة على حكومات تلك الدول لاحترام العراق وسيادته.

وكذلك يمكن التعامل بالمثل مع الأردن وماليزيا بالمثل, فالأردن وبقرار جديد منعت دخول الشيعة إلى أراضيها وأما ماليزيا فحرمت الانتماء للمذهب الشيعي ـ رغم إن الشيعة هم الأغلبية في العراق ـ ولكلا البلدين مصالح اقتصادية في العراق فضلا عن تزويد العراق للأردن بالنفط مجانيا أو بأسعار تفضيلية, ويمكن تعطيل مصالح هاتين الدولتين بإيقاف تصدير النفط للأردن ومنع الاستيراد منها, وسحب ترخيص شركة بترو ناس الماليزية الحكومية المستثمرة لحقل الغراف النفطي في ذي قار.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
وردة بغدادية
2019-01-17
اثار استغرابي ان كاتب المقال لايعلم ان وزير الخارجية الكردي هوشيار زيباري الذي اشار اليه قد اصبح وزيراً للمالية بعد الخارجية عام 2015 ومن ثم تسلم الوزارة الدكتور ابراهيم الجعفري وحالياً الوزير محمد علي الحكيم .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك