المقالات

المشرَّع العراقي وخلق الطبقية الاجتماعية


عبد الكاظم حسن الجابري ينص الدستور العراقي في بابه الثاني -الحقوق والحريات- في الفصل الأول في المادة الرابعة عشر "العراقيون متساوون أمام القانون, دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الاصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي" وينص في المادة السادسة عشر في نفس الفصل على "تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الاجراءات اللازمة لتحقيق ذلك". يعد الدستور الحاكم الأعلى فيما نص عليه من فقرات, وكل المواطنين يخضعون لأحكامه, سواء أ كانوا حاكمين أم محكومين, فهذا الدستور الذي أقره البرلمان وصوت عليه العراقيون في 15 تشرين الثاني عام 2005, هو المرجع التشريعي الأعلى للبلاد. عانى العراقيون من الطبقية والتمييز على مر الحكومات المتعاقبة, وكانوا متهمين بسبب انتماءهم, وعانوا في سبيل ذلك الويلات, وذاقوا من التنكيل والتعذيب والسجون والحرمان والمرض والفقر ما لا يمكن أن يحده الوصف -وخصوصا عراقيي الداخل-, وقد كان نظام البعث الصدامي نظاما شديدا وقاسيا, ولا يراعي حقوقا أو حريات لمواطني العراق. بعد التغيير وبعد ما أشرنا إليه من فقرات دستورية صوت عليها الشعب, كنا كعراقيين نأمل خيرا في أن تلغي الفوارق بين المواطنين, ويرفع التمييز بينهم, ولا اعتبار لشيء ما خلا المواطنة الصالحة, لكن وللأسف المُشرع العراقي كبرلمان, وكحكومة متمثلة برئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء, وعلى مر سنوات التغيير, عملت بما يخالف الدستور العراقي, وقد شرع المشرع العراقي قوانين تكرس للطبقية والفوقية, والتمييز بين الناس, وهذه القوانين أوصلت الناس إلى السخط من النظام الجديد والحقد عليه, وأوصلت طبقات المجتمع إلى التنافر, فبين طبقة منعمة تحظى بالامتيازات الحكومية, وبين طبقة محرومة تكاد لا تجد قوت يومها. من أهم التشريعات التي أقرتها الحكومة والتي كرست الطبقية بل وكرمت ازلام البعث, هو قانون المسالة والعدالة بعد ان كان اجتثاثا للبعث, ودفع مستحقات للبعثيين والفدائيين والاجهزة القمعية, وهذا التشريع جعل المواطن المظلوم في زمن صدام يندب حظه على ما مني به من نكران لمظلوميته, حيث يكرم الظالم. ومن التفرقة أيضا هو قانون مؤسسة السجناء والشهداء والقانون الأخير الذي عرف بقانون محتجزي رفحاء, وكذلك قرار تعويض اهالي المناطق المحررة, وصرف الرواتب المتراكمة لموظفي الموصل, وأجهزتها الأمنية المتخاذلة-بل كان أغلبهم في صف داعش- كل هذه القوانين والقرارات شُرعت لتعطي انطباعا عن ان المسؤول العراقي لا يفكر إلا بمن يحيطون به, ولا يهتم للفقراء. نحن مع تعويض السجناء ومحتجزي رفحاء, لكن ليس بهذا الحجم من البذخ, ولا بهذا النوع من القرارات, فمن الممكن تعويض السجين بمبلغ مادي يصرف لمره واحدة, مع قطعة ارض مثلا, وعدم صرف رواتب تقاعدية لهم مع الرواتب التي يتقاضونها في وظائفهم. كما إن التمييز بين ذوي الشهداء والسجناء في القبول في الجامعات العراقية, والدراسات العليا والوظائف الحومية هو أيضا تمييز طبقي, يورث الحقد والضغينة بين طبقات المجتمع, فمن غير المنصف أن طالبا بمعدل 96% لا يتم قبوله في كلية الطب, بينما يتم قبول طالب بمعدل 89%, وهذه عين السياسة التي كان يتبعها صدام بتمييز رفاقه البعثيين وابناءه. للدستور الحاكمية على الحكومة وعلى الشعب, والانصاف يقتضي التعامل بالعدالة والمساواة, ومن اراد أن ينتهج النهج الصحيح فعليه أن يرجع إلى سيرة النبي العظيم محمد صلى الله عليه وآله, وإلى سيرة أمير المؤمنين عليه السلام وعهده لمالك الأشتر وإلى سيرته في العدل بين الرعية.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك