المقالات

الأربعينية وما ادراك ما الأربعينية..!

1935 2018-10-14

ضياء المحسن

في خطبتها العصماء في مجس يزيد (عليه اللعنة) تقول فخر المخدرات زينب ( عليها السلام) ((كد كيدك واسعى سعيك و ناصب جهدك فو... لن تمحو ذكرنا و ﻻ تميت وحينا))، والقسم هنا عظيم يخرج من فاه بنت أبيها، الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وبعد ما يزيد على ألف عام من واقعة الطف نجد مصداق هذه الخطبة، فها هي الملايين تزحف الى مدينة كربلاء، لتجدد العهد لسيد الشهداء الحسين (عليه السلام) بأن ذكركم لن يمحى و وحيكم نستنشق عبقه من الأرض التي ضمت رفاتكم وروتها دماؤكم.

بحسب الإحصائيات غير الرسمية فإن عدد زوار الإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام) هذا العام تجاوز الخمسة والعشرين مليون زائر، منهم ما يقرب المليون من دول أجنبية وعربية، وثلاثة ملايين زائر إيراني، والبقية عراقيين من مختلف محافظات العراق.

خلفت ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) للعالم، دروسا في كل ميادين الحياة، جعلتنا نأخذ منها العِبر في كيفية مقارعة الظلم والظالمين، وبدمه الطاهر حافظ على الدين المحمدي من أن يحرفه عن مساراته الصحيحة، آل أمية الملعونين على لسان رب العالمين ورسوله الأمين.

ليس هناك مجال للمقارنة والمفاضلة فيما اريد التحدث به، فمن أين أبدأ وأين سأنتهي، لكن ليعذرني القارئ لأني سأتحدث عن مائدة العراق الأربعينية، فهنا يتوقف الزمن والممكن، فكل شيء خارج حدود المألوف، فهذا قاطع النجف ـ كربلاء، وذا قاطع الحلة ـ كربلاء، ولا بد أنك تسمع عن قاطع المسيب ـ كربلاء، عدا عن المسافات الطويلة التي يمر بها الزوار من كل حدب وصوب، من محافظات كركوك وديالى وبغداد والعمارة والبصرة والناصرية، والزوار الأجانب الذين يأتون مشيا من خارج العراق.

لقد نسيت إخوتنا من الأديان الأخرى، الذين يشاركون في المسير الى أبي الأحرار (عليه السلام) لتجديد عهد الوفاء له، بأن يكونوا أحرارا في دنياهم، وكيف أنسى الإخوة من المذهب السني، هؤلاء الذين يقول فيهم الإمام السيستاني (ادم ظله) ((أنفسنا)).

في الطريق ماذا تجد؟ سؤال لن يجيب عليه حتى من رأه، لأنه خارج عن المألوف قطعا وبدون شك، فعلى طول الطريق المؤدي الى كربلاء، تجد من يحاول أن يغسل لك ملابسك، وأن يقوم بتجهيز الحمام لك لتغتسل من تعب الطريق، ومضافات للنوم، حتى انك ترى من يتوسل بك للإقامة هذه الليلة في بيته كرامة (للحسين).

وبعد، ملايين الوجبات، مليارات من عبوات المياه المعبأة، ملايين من أرغفة الخبز الحار، والسمك المشوي والدجاج والكباب، والفواكه، ملايين من ساعات العمل التي يقدم فيها خدم الإمام للزائرين الخدمة بدون تعب أو ملل، هذا شعب من سنغ شعوب الأرض؟ قطعا لا، هم ملائكة!

الملفت للنظر أن تجد من يتوسل بك ليمسح لك حذائك، تبركا بالتراب العالق فيه من جراء مشيك في طريقك للإمام الحسين، أما الأطفال فلابد أنهم ليسوا كأطفال العالم، فأما أنك تجد طفلا يتوسل بك لأخذ علبة من المياه المعدنية، أو فاكهة، وإذا لم يجد شيئا، تراه يمسك بقنية من العطر الفواح ليرش عليك منه.

المشكلة أنه لو حدث زحام في مدينة من مدن العالم لفترة من الوقت لسقطت حكومات، لكنك في طريقك الى كربلاء، والشارع مزدحم، تسمع أحدهم يقول: اين الزوار معقولة لا يوجد من يدخل الى موكبي في هذه اللحظة؟

فقراء وأغنياء، كسبة وموظفين تركوا كل شيء وراءهم، فقط ليخدموا زوار الإمام الحسين، من غير أن تتدخل حكومة أو منظمة مجتمع مدني لترتيب عملهم، في قارعة الطريق وهم يعلمون يقينا أن هناك من يهدد حياتهم، من خلال تفخيخ نفسه، أو بصاروخ من مكان بعيد، ومع ذلك لم يدر مثل هذا الخاطر في بالهم، ولم يبالوا له.

نحن شعب نكرم ضيفنا لثلاثة أيام، لكن لأسابيع ونحن نبحث عن المزيد، هذه معجزة إنسانية قل نظيرها.

إنها الأربعينية

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك