المقالات

هل يمكن ترشيد مفردة "الوطنية"؟!

2724 2018-04-30

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

باتت مفردة " الوطنية"؛ واحدة من أكثر المفردات تداولا في حياتنا، فعلى صعيد المسميات السياسية؛ تُعد هذه المفردة القاسم المشترك في أسماء الأحزاب والقوى السياسية، لكنها أكثر إستخداما، في أسماء ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني، فضلا عن إستعمالها بإفراط، في أدبيات العمل السياسي والمدني، فما السر في ذلك؟!                                                               

تأريخيا وبمراجعة المفردة كمفهوم؛ نجد أنه قد ظهر في بدايات القرن الفائت، ولم نجد لها إستخدام قبل ذلك التاريخ إلا ما ندر، وبمقاصد وغايات مغايرة للمفهوم الراهن.

أرتبط هذا المفهوم المستحدث؛ إرتباطا وثيقا بقضية التحرر من الإستعمار، وباتت الأنظمة التي تخلصت من الإستعمار، تدعى بـ"الأنظمة الوطنية"،  ويسمى نظام حكمها "بالحكم الوطني"، فيما سميت الحركات التي سعت للتخلص من الأستعمار؛ بـ"حركات التحرر الوطني"، وفيما أطلقت القوى السياسية الفارغة على نفسها إسم "الحركات الوطنية"، مع أنها بالحقيقة حركات محلية، والمحلية مفهوم مقارب للوطنية من بعض جوانبه.

لاحقا؛ تطور إستعمال المفردة؛ فأطلق على القوى والأفراد الميالين الى اليسار في فترة ما، فيما أطلق في وقت لاحق على القوى المغرقة بالأقليمية، قبالة القوى ذات التطلع القومي.

 في العراق؛ ومنذ عام 1958؛ تَرَمَزَ العمل الحكومي الخالص بـ "الوطنية"، وأصبحت "الوطنية" صنوا للعمل ذي المنفعة العامة، وأصبح كل ما سواها يعبر عن ضدها، فعندما تشكلت أول شركة نفط عراقية خالصة؛ قبالة شركات النفط الأجنبية العاملة فيه، سميت تلك الشركة بأسم شركة النفط الوطنية، وأخذت بالحقيقة بعدا رمزيا "وطنيا"، وهكذا أنتجنا سكاير"الوطني"!،وبنينا المسرح "الوطني"، وتأسست شركة التأمين "الوطنية"، وشركة الكهرباء "الوطنية"، واللجنة "الوطنية" للموسيقا، والمركز "الوطني" لنقل الدم!، والمركز "الوطني" لحفظ الوثائق، والمكتبة "الوطنية"، وفي البصرة شارع "الوطني" وسينما "الوطني"!

في عام 1958 أيضا؛ أي في بداية عهد كريم قاسم، تغير إسم السلام الملكي، الذي تعزفه موسيقا الجيش للضيوف الرسميين للبلاد، الى السلام الجمهوري، ثم حوله نظام البعث الى النشيد "الوطني"؛ بقصيدة الكمالي (شعلة البعث صباحا)، حيث يُقرأ نشيدأً؛ صباح كل خميس بالمدارس مع رفع العلم!

في أول عهد نظامنا الحالي، أطلق على القوات التي شُكلت آنذاك تسمية "الحرس الوطني"،  الذي ألغي فيما بعد وأضيف الى الجيش، كما أُنشأت وزارة أسمها وزارة "الأمن الوطني"، وجهاز مخابرات سمي "الوطني"، كما أستحدثت قوة عسكرية، لا هي شرطة صرف ولا هي جيش صرف، سميت "الشرطة الوطنية"، تدارك أهلها الأمر لاحقا وسموها شرطة إتحادية!

إذا كانت مفردة "الوطنية"؛ سياسية الدلالة والمفهوم، فلماذا تضيفه الدولة الى عناوين مؤسساتها، كما في هيئة التقاعد "الوطنية"، واللجنة الأولمبية "الوطنية"، والمسرح "الوطني"، مع أنها مؤسسات لا تمتلك بعدا سياسيا؛ بأي حال من الأحوال؟! والأمر منطبق على عناوين حكومية كثيرة، وعلى منظمات للمجتمع المدني، يفترض أن لا تقارب السياسة بأي شكل من الشكال!

كلام قبل السلام: "الوطنية" كمفهوم سياسي الأبعاد؛ مسمى راق يعبر عن الإلتصاق بالوطن وحبه، إلا أن الإسراف والإسفاف؛ في إستخدامه في غير موضعه، مسألة بحاجة الى ترشيد، وما اقصده أبعد من ما قلته بكثير..!

 سلام

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك