المقالات

بعد داعش؛ مع من ستكون معركتنا القادمة ؟!

2327 2017-10-19

قاسم العجرش qasimJ200@yahoo.com

العلمانيَّة في منطقتنا الأسلامية ـ العربية؛ تختلف عن سميتها في الغرب، فيستحيل هنا أن توصف بأنها مشروع نهضوي، مثلما هو وصفها في الغرب، فضلا عن أنها لم تكن يوما؛ مشروعًا سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو فكريًّا أو ثقافيًّا، بل هي هنا وسيلة لمقاومة وإحباط المشروع الوطني الإسلامي بالأدوات العلمانية.

المنطقة الأسلامية ـ العربية، وعلى الأخص منها بلاد ما بين النهرين والشام ومصر، تمثل محور العالم القديم،ولذلك فقد تسالمالفكر العالمي، على أن معبأة بأرث وثقافة خاصة بها، معتمدة أساسا على الأديان وفي طليعتها الدين الإسلامي، ويعد هذا الأرث؛ اساس تكوين ووجود سكان هذه المنطقة.

لأنه لا يمكن تغريب النهضة عن الأرث، فأن هذا الأرث والثقافة، هما ما يتعين الأستناد اليهما في بناء نهضة شعوبها، أو على الأقل لا يمكن إغفال تأثيرهما في صناعة المستقبل، ذلك لأن الإنسان ليس جمادًا ولا يخضع لقواعد المادة وحدها، بل يدخل في ذلك، عوامل ثقافيَّة وتاريخيَّة ووجدانيَّة؛ اقتصاديَّة أو اجتماعيَّة أو نهضويَّة.

على هذا الفهم فإن من المسلم به؛ هو أن بلدان المنطقة العربيَّة والإسلاميَّة وبدرجات مختلفة، لن تنجح في إقامة مشروع للنهضة إلا على الأساس الإسلامي، وهكذا فإن أي مشروع للنهضة؛ يتجاهل البعد الثقافي والحضاري والوجداني للإنسان سيفشل حتمًا.

لعلَّ ذلك كان السبب الأساس؛ لفشل كل مشروعات النهضة؛ المنطلقة من أساس ليس إسلامي، والتي تمت في مجتمعاتنا؛ حيث حكمتنا العلمانية في المائة عام الأخيرة، وهو كان الأساس لنجاح المشروع النهضوي الإسلامي؛ في جمهوية إيران الإسلامية، وهو أيضا سبب نجاح العراقيين، في درء مخاطر العدوان الوهابي الداعشي، والقضاء عليه قضاءا مبرما، وهو ايضا سبب الإنتصار الأسطوري لحزب الله في لبنان، وسبب صمود سوريا بمعونة الإسلاميين، وسبب إنتصار فقراء اليمن الحوثيين الحفاة، على تحالف القبائليين من أثرياء المنطقة العربية، بقيادة الوهابية السعودية.

صحيح أن المشروع الإسلامي مشروع واسع، يحتمل اجتهاداتٍ متعددة داخل الإطار، ويقبل النقد والنقد الذاتي، فإن هذا لا يعني إمكانيَّة نجاح المشروع العلماني، لأنه أصلا ليس مشروعًا، بل مجرد "وسيلة" للهيمنة وإستعباد الشعوب مجددا تحت عنوانها.

آليات الديمقراطية التي صممتها العلمانية؛ ومنها الأنتخابات بشكلها الراهن، ليست من التراث الثقافي الأسلامي، لكون الأسلام يمتلك وسائل لتحقيق العدالة الأسلامية، أكثر تفوقا أداء ودقة وصرامة، وتعطي نتائج أفضل على صعيد الميدان، لو طبقت مثلما تطبق اليوم، في جمهورية أيران الأسلامية.

 لكن ومع الأخذ بالحسبان، نقص الأدوات العقائدية لدى باقي الشعوب الأسلامية،  فإن الاتجاه الإسلامي في باقي المنطقة، قد حسم أمره؛ باتجاه احترام التعددية السياسيَّة والدينيَّة والثقافيَّة، واحترام صندوق الانتخابات واحترام حرية التعبير والنشر، وحرية العقيدة والفكر وحرية تشكيل الأحزاب، وكل الحريات السياسيَّة والفكريَّة المعروفة.

كلام قبل السلام: معركتنا القادمة ستكون مع العلمانيين تحديدا، ليس لأنهم خذلونا في معركة الدفاع عن الوطن، إذ كان لهم دور سلبي مخز، بل لأنهم يعملون بقوة على هدم قيمنا..معركتنا القادمة هي معركة القيم..!

سلام..

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو سجاد
2017-10-19
موضوع وتحليل راقي ومنطقي جدا… منطلق من ملخص التجارب العملية التي مرت بها الشعوب.. وبالامكان ان يكون موضوعا لتحليل واسع ومتشعب.. شكرا للكاتب الراقي
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك