المقالات

بعد داعش؛ مع من ستكون معركتنا القادمة ؟!

2431 2017-10-19

قاسم العجرش qasimJ200@yahoo.com

العلمانيَّة في منطقتنا الأسلامية ـ العربية؛ تختلف عن سميتها في الغرب، فيستحيل هنا أن توصف بأنها مشروع نهضوي، مثلما هو وصفها في الغرب، فضلا عن أنها لم تكن يوما؛ مشروعًا سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو فكريًّا أو ثقافيًّا، بل هي هنا وسيلة لمقاومة وإحباط المشروع الوطني الإسلامي بالأدوات العلمانية.

المنطقة الأسلامية ـ العربية، وعلى الأخص منها بلاد ما بين النهرين والشام ومصر، تمثل محور العالم القديم،ولذلك فقد تسالمالفكر العالمي، على أن معبأة بأرث وثقافة خاصة بها، معتمدة أساسا على الأديان وفي طليعتها الدين الإسلامي، ويعد هذا الأرث؛ اساس تكوين ووجود سكان هذه المنطقة.

لأنه لا يمكن تغريب النهضة عن الأرث، فأن هذا الأرث والثقافة، هما ما يتعين الأستناد اليهما في بناء نهضة شعوبها، أو على الأقل لا يمكن إغفال تأثيرهما في صناعة المستقبل، ذلك لأن الإنسان ليس جمادًا ولا يخضع لقواعد المادة وحدها، بل يدخل في ذلك، عوامل ثقافيَّة وتاريخيَّة ووجدانيَّة؛ اقتصاديَّة أو اجتماعيَّة أو نهضويَّة.

على هذا الفهم فإن من المسلم به؛ هو أن بلدان المنطقة العربيَّة والإسلاميَّة وبدرجات مختلفة، لن تنجح في إقامة مشروع للنهضة إلا على الأساس الإسلامي، وهكذا فإن أي مشروع للنهضة؛ يتجاهل البعد الثقافي والحضاري والوجداني للإنسان سيفشل حتمًا.

لعلَّ ذلك كان السبب الأساس؛ لفشل كل مشروعات النهضة؛ المنطلقة من أساس ليس إسلامي، والتي تمت في مجتمعاتنا؛ حيث حكمتنا العلمانية في المائة عام الأخيرة، وهو كان الأساس لنجاح المشروع النهضوي الإسلامي؛ في جمهوية إيران الإسلامية، وهو أيضا سبب نجاح العراقيين، في درء مخاطر العدوان الوهابي الداعشي، والقضاء عليه قضاءا مبرما، وهو ايضا سبب الإنتصار الأسطوري لحزب الله في لبنان، وسبب صمود سوريا بمعونة الإسلاميين، وسبب إنتصار فقراء اليمن الحوثيين الحفاة، على تحالف القبائليين من أثرياء المنطقة العربية، بقيادة الوهابية السعودية.

صحيح أن المشروع الإسلامي مشروع واسع، يحتمل اجتهاداتٍ متعددة داخل الإطار، ويقبل النقد والنقد الذاتي، فإن هذا لا يعني إمكانيَّة نجاح المشروع العلماني، لأنه أصلا ليس مشروعًا، بل مجرد "وسيلة" للهيمنة وإستعباد الشعوب مجددا تحت عنوانها.

آليات الديمقراطية التي صممتها العلمانية؛ ومنها الأنتخابات بشكلها الراهن، ليست من التراث الثقافي الأسلامي، لكون الأسلام يمتلك وسائل لتحقيق العدالة الأسلامية، أكثر تفوقا أداء ودقة وصرامة، وتعطي نتائج أفضل على صعيد الميدان، لو طبقت مثلما تطبق اليوم، في جمهورية أيران الأسلامية.

 لكن ومع الأخذ بالحسبان، نقص الأدوات العقائدية لدى باقي الشعوب الأسلامية،  فإن الاتجاه الإسلامي في باقي المنطقة، قد حسم أمره؛ باتجاه احترام التعددية السياسيَّة والدينيَّة والثقافيَّة، واحترام صندوق الانتخابات واحترام حرية التعبير والنشر، وحرية العقيدة والفكر وحرية تشكيل الأحزاب، وكل الحريات السياسيَّة والفكريَّة المعروفة.

كلام قبل السلام: معركتنا القادمة ستكون مع العلمانيين تحديدا، ليس لأنهم خذلونا في معركة الدفاع عن الوطن، إذ كان لهم دور سلبي مخز، بل لأنهم يعملون بقوة على هدم قيمنا..معركتنا القادمة هي معركة القيم..!

سلام..

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو سجاد
2017-10-19
موضوع وتحليل راقي ومنطقي جدا… منطلق من ملخص التجارب العملية التي مرت بها الشعوب.. وبالامكان ان يكون موضوعا لتحليل واسع ومتشعب.. شكرا للكاتب الراقي
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك