المقالات

مجاهدون يبحثون عن الإنصاف

1915 2017-07-13

كانوا يعيشون في قرية من قرى الجنوب النائية، بيوتها الطينية كانت مناجم للمجاهدين الأفذاذ، الذين قارعوا نظام الطاغية، فكان منهم الشهيد الذي اعدم، ومنهم الذي بقي تحت الأرض في مقابر جماعية لم يجدوا له أثراً، ومنهم المعتقل في سجون البعث حتى سقوطه . 

تأملوا خيرا في النظام الجديد، أن تزدهر حياتهم وتتحول تلك الأكواخ الى بيوت عامرة، تحضى بخدمات بسيطة وضرورية، وأهمها طريق القرية الترابي الذي يبعد عن المدينة 5 كم، ويحصلون على مشروع للماء الصالح للشرب، أو مركز صحي ومدرسة يتعلم فيها الأطفال تاريخ آبائهم وأجدادهم، يتحصلون على شهادات دراسية كانوا محرومين منها طيلة الفترة الماضية، بسبب الظلم الذي وقع عليهم، لكنهم لم يحصلوا إلا على الكهرباء، التي وصلت إليهم بشق الأنفس . 

مبالغ مالية كبيرة صرفت، من اجل أعمار البنى التحتية في العراق، لم ير هؤلاء الفقراء منها نصيبا، وكأنها تحولت الى سراب لا يدركوه أبدا، ليعيشوا الحرمان في وطن يفيض بالخيرات، وكأن قيودهم الشخصية لم تسجل في سجلات هذا الوطن، ليكون لهم نصيب في خيراته التي ابتلعتها حيتان الفساد، الذي ولد الفتن السياسية والطائفية، فكان أن نبع الإرهاب واجتاح الوطن، وعاث فيه فسادا وقتلا وتدميرا . 

فنهض الفقراء والمحرومون، ملبين فتوى الجهاد متنكبين سلاحهم معرين صدورهم للموت، يرتدون عزيمة الإصرار على مقارعة الظالمين كما تعودوا، حاملين أرواحهم على أكفان الفداء ليقدموها قرابين للوطن الذي تناهشته الغربان، فصالوا وجالوا مقدمين الغالي والنفيس من اجل تحريره وتطهير أرضه، التي ارتوى كل شبر منها من دمائهم الزكية، وها قد مرت ثلاث سنين ولم يتغير في قريتهم شيء، إلا صور الشهداء التي صارت تزين طريقها الترابي . 

وتحررت المدن واحدة تلو الأخرى فعادت تكريت والرمادي والفلوجة وبيجي الى حضن الوطن، بفضل دماء الشهداء وعرق المجاهدين المحرومين، ثم كانت المنازلة الكبرى في مدينة الموصل فطهرها المقاتلون الصابرون، ومنها أعلنوا بيان النصر على أعتى هجمة بربرية، حولت غالبية تلك المدن الى ركام، وتدمرت بناها التحتية وأضاعت معالم الحياة منها، بسبب شدة المعارك التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا، فعلت الأصوات والمناشدات بضرورة إعادة إعمار مدن الضحية، وسط تجاهل لمدن التضحية وأبنائها المضحين . 

لاشك ولا ريب إن إعادة إعمار المدن المحررة هي مسؤولية وطنية، تفرض على العاملين في إدارة الدولة القيام بها، لإعادة الحياة الى هذه المدن كما كانت بل أفضل، وتمارس دورها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في العراق وفق الدستور والقانون، ولكن ماذا عن مدن المجاهدين التي حرمت من الإعمار والخدمات طيلة الفترة الماضية، وحولت أموال إعمارها الى مصاريف للحرب، فكانت هذه المدن تدفع أموالا ورجالا في آن واحد . 

فهل سيبقى هؤلاء المجاهدون محرومون من حقوقهم؟ بعد أن قدموا أموالهم وأنفسهم فداءً لهذا الوطن، أم سيتم الالتفات لهم إسوةً بالمدن المحررة، فهم لا يطلبون إلا حقوقهم التي كفلها القانون والدستور، وحجم التضحيات التي قدموها، ولا يعاملون كالإبل التي تحمل ذهبا وتأكل شوكاً، فهل من منصف ؟ . 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك