المقالات

هويتنا بين الأزمة وضياع الملامح.

1775 2017-02-23

 زيد شحاثة
 يحاول الإنسان دوما, أن ينتمي إلى شيء ما, فكرة كانت أو عقيدة أو ثقافة, أو قومية أو جنسية .. وربما تتبسط الأمور, فيحاول أن ينتمي ولو لعشيرة أو أسرة حتى.
 توصف هوية الإنسان بأنها جوهره وتوصيفه الحقيقي, وعقيدته التي يؤمن بها, وهي تختلف بين شخص وأخر, حتى لو اتفقا على مبدا أو عقيدة ما, لكنهما يختلفان في كيفية فهمها للموضوع وتفسيره.
 نتيجة لما مر به العراقيون, من تاريخ مليء بالصعاب, والاختبارات الشديدة, والأهوال العظيمة.. إمتلئت الشخصية العراقية, بمزيج غريب من التناقضات.. جزء من تلك التناقضات انعكس على هويتهم التي يقدمونها لأنفسهم.. هذا التناقض, جعلهم في حالة صراع داخلي وأزمة دائمة.
 ربينا منذ صغرنا, على قيم تعطي للدين مكانة مقدسة في نفوسنا, ولتمسكنا بتراث أهل البيت, عليهم وألهم أفضل الصلوات, صار المذهب, لا يقل أهمية, وملتصقا بالدين, وواجهة له.. وعندما كبرنا فهمنا ما هو معنى الوطن, لكننا فهمنا الوطنية بشكل خاطئ, وزرعت في دخالنا أفكار وعقائد أخرى, كالقومية, والعشائرية والمناطقية, وغيرها كثير.
 تمزقت عندنا الوطنية, بين ما كان يحاول الحكم البعثي زرعه في الأجيال, من خلال سياساته لغسل الأدمغة, وبين ما نراه من قتال وجهاد ومعارضة ضد هذا النظام القمعي المستبد.
 تمزق عندنا مفهوم التدين, بين ما كنا نراه ونقدسه, من حياة زهد وبساطة وعرفان, وبين ما كان يحاول بعض أدعياء التدين والعملاء المزدرعين, فعله بتقديم صورة مشوهة عن التدين.
 صارت عندنا أزمة هوية, عندما ربط الإعلام الموجه, وبكل ثقله وحملاته المستمرة, بين الدين والتخلف, والعلمنة والحداثة.. فلا نحن صرنا من أهل الحداثة والتمدن, ولا بقينا على تديننا, فصرنا نتحدث بالعلمانية ونتشدق بها, ونحن متخلفين في أفعالنا.
 صار عندنا التدين مخالفا للوطنية, والحداثة تعني الإنفلات, والرقي بابا للتفسخ, فضاعت قيمنا وضاع كثير منا معها.. وكل ذلك مرتبط بضخ فكري وإعلامي ممنهج, ونماذج سيئة, أفقدت بعض يمنا كل معانيها السامية.
 صرنا لانعرف هل نحن مسلمون, أم شيعة وسنة, وهل نحن عراقيون أم عرب, هل نحن مدنيون حداثيون أم نحن تراثيون أصيلون. 
ماهي هويتنا الحقيقية, وما هي ملامحها, في وسط كل هذا التوصيف المتداخل؟!
 وهل هو توصيف متداخل أصلا؟! هل هذا يعني أني, لا يمكن أن أكون, مسلما عربيا عراقيا, شيعا مدنيا أصيلا؟!
 ما الذي يمنع ذلك؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك