المقالات

مذكرات ناخب .. الحلقة الرابعة

2265 2017-02-09

 ثامر الحجامي

 كنا خمسة شبان, لم يتجاوز أكبرنا السابعة والعشرين عاما, رغما على العوز والفقر, لم تفارق البسمة شفاهنا. والمزحة كانت حاضرة معنا, لم يتزوج احدنا بعد, ولكن الأمل كان يحدونا, في أن نرتبط مع من نحب .

 وبعد فترة؛ تزوج احد أصدقائنا, فكان واجبا علينا, أن نشاركه فرحته ونبارك له, فاجتمعنا وذهبنا الى بيته, القريب من كربلاء, فرحين مهنئين والضحكات تملأ المكان, ولم نترك بيت صديقنا, إلا بعد أن تناولنا وجبة الغداء, ثم ودعناه وأهله الذين كانوا مجتمعين عنده, على أمل اللقاء, مرة أخرى .

    كان لزاما علينا, أن نسير الى الشارع القريب, على منزل صديقنا, وننتظر سيارة تقلنا, الى حيث نريد العودة, وصرنا نترقب, وما هي إلا لحظات, حتى وقفت عندنا سيارتين, تحملان ( الرفاق ), يرتدون ملابسهم الزيتوني, مدججين بأسلحتهم, أحاطوا بنا من كل جانب, فبادرنا كبيرهم بالسؤال الغليظ, والاستفسار عن هوياتنا, وماذا نفعل هنا ؟ فسارعنا بإبراز هوياتنا الأصولية, وأننا جئنا لنبارك لصديقنا العريس, الذي بيته قبالتنا, ولكنه أمسك بهوياتنا, وقال إننا ذاهبون لزيارة " كربلاء " ! وأمر من معه بإصعادنا الى سياراتهم, وأخذنا الى الفرقة الحزبية, وفي الطريق أقسم أنه " سيترفع برؤوسنا " ! .

    مابين مصدق؛ وغير مصدق بما يحصل, وصلنا الى الفرقة الحزبية, وأدخلونا على كبيرهم, الذي يكاد كرشه أن يصل الأرض, ورأسه كرأس ثور, والدخان الغليظ يتصاعد من سيجارته, فاخبروه : بأننا زوار الى كربلاء, جاءوا مشيا ! وأنهم ألقوا القبض علينا, فالتفت إلينا, فبادرناه بالنفي, وروينا قصتنا كاملة, فتعاطف معنا ! وأنه سوف يتم إطلاق سراحنا, ولكن ليس من هنا, بل مكتب الاستخبارات, فقد صار لديهم, علم بالأمر.

    وهكذا تركنا الفرقة الحزبية, وتم أخذنا الى مكتب الاستخبارات, مع تقرير الرفيق, الذي علمنا فيما بعد, أنه يؤكد فيه, إننا زوار لكربلاء ! وليته ذكر جريمة أخرى غيرها, فهذه الجريمة هي اكبر الجرائم, في زمن البعث, وعقوبتها ربما تصل بك للإعدام, فكان علينا أن نتحمل صنوف التعذيب, طيلة فترة التحقيق, عسى وان تنفع تدخلات أهلنا, و" واسطاتهم " لإخراجنا .

    بعد مرور شهرين, في الغرفة المظلمة, والضرب بالسياط والقهر والتنكيل, تنشقنا الهواء العليل, ونظرنا الى قرص الشمس, يملأ حدقات عيوننا, دون أن يؤذيها, وفرحة تملأ قلوبنا, فنحن في طريقنا الى القاضي, الذي  سيطلق سراحنا, وما أن دخلنا ووقفنا أمامه, نظر إلينا بتمعن, وقال هل انتم الزوار ؟ كان لزاما علينا, أن لا ننبس بكلمة, هكذا تم إخبارنا, ثم نظر الى أوراقنا, ورفع نظره إلينا وقال : لقد حكمتم المحكمة بسنة سجن غير قابلة للتمييز بتهمة التسول !! .

  وهكذا انتهت الأحلام وتلك الأمنيات, وضاعت الضحكات في دهاليز السجون, من اجل أن يترفع ذلك الرفيق, لكونه قبض على اخطر المجرمين, الذين يهددون امن الدولة, فقد كانت زيارة الحسين وأهل بيته عليهم السلام. في كربلاء تقض مضاجع البعث, وتؤرق نومهم وتهدد دولتهم, وبتلك الجريمة ذهب الكثير من الأبرياء, الى حبل المشنقة, أو غيبوا في دهاليز السجون.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك