المقالات

كيف نردم آبار الكراهية بروائحها النتنة؟!

2090 2017-01-15

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

    أزعم أني واحد من الذين قطعوا شوطا كبيرا؛ في تعلم فن الحوار؛ وعمودي هذا هو واحة حوار دائمة مع القراء، وهناك تغذية إسترجاعية متبادلة، مع كثير من القراء الدائمين، الذين باتوا مصادر محترمة للأفكار التي تطرح هنا .

     نحن كبشر نخوض حوارات مستمرة، من بينها الحوار مع النفس، وهو حوار دائم لا ينقطع قط، كما أننا متواصلين بعضنا مع بعض؛ وبشكل مستمر ايضا، بأنماط لا تعد أو تحصى من الحوارات، التي لولاها لتحولنا الى ثيران وحشية، نتحاور بالقرون!

    بالعودة الى تاريخنا العربي والإسلامي، توصل خبراء فن الحوار؛ الى نتيجة شبه مؤكدة؛ مؤداها أننا مع الأسف؛ قوم نكره الحوار، ولانعرف سبله ولم نسع للتعرف عليها، بل لم نجهد أنفسنا لمقاربته، مع أن تراثنا المعرفي؛ زاخر بمقاطع لغوية خلابة، تقدم لنا نصائح لا تقدر بثمن، كلها تتحدث عن الحوار ووسائله وضروراته، ونتائجه ومزاياه، وتشجعنا على سلوكه، وبعضها تقدم لنا مغريات لا يمكن مقاومتها، من قبيل الأجر والثواب، أذا سلكنا سبيل :"أدع الى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".

    لكن مع كل هذا التراث الثر، فإن الحوار لم يتحول الى مفردة فاعلة؛ من مفردات ثقافتنا المعاشة، ولم يمارس إلا من قبل عدد محدود، من رجال تاريخنا، والذين مارسوه كانت ممارستهم خائبة، أو مفعمة بالمكر والحيلة، وهاكم أبا موسى الأشعري وعمرو بن العاص، الأول كان مفاوضا غبيا، والثاني كان أمكر من ثعلب.

    بعد هذا الحوار؛ الذي سجله لنا تاريخنا بحروف الخيبة بسنوات عدة، لجأنا الى الحوار لحق دمائنا، فدخله الإمام الحسن بن علي عليه السلام راغبا، فيما دخله الثاني  وهو عازم على نقضه، مهما كانت النتائج، ونقضه بعد بضع سويعات من إعلان بيانه..!

بقية القصة معروفة لكم الى يومنا هذا...

    اليوم باتت المسائل المختلفين عليها أكثر تعقيدا، وابواب الحوار من أجل الحلول شبه موصدة، وبعض مشكلاتنا سترافقنا الى قبورنا، فيما جلها سنورثه الى أبنائنا، وهم بدورهم سيورثونها الى الأحفاد مع أضافات جديدة اكثر تعقيدا، وكلما تعقدت الوقائع تنحى الحوار ..

هذا هو الواقع، لكن مازال في الأفق؛ حل لا يقتضي أن نتحاور كي نتوصل اليه!        

    الحل؛ هو أن نقبل بعضنا بعض؛ على ما نحن عليه، ونعترف بحق بعضنا على بعض، بأن نتعايش على قاعدة إحترام الإختلاف، وأعتباره حقا مقدسا، لا ينبغي معارضته أو إنكاره، بل ولا حتى نقده، فعلى الأقل سنتوقف عن تخوين بعضنا بعض؛ وعن تكفير بعضنا بعض، وعن تعميق آبار الكراهية بروائحها النتنة...!

    كلام قبل السلام: عند ذاك؛ لن نحتاج الى مصالحة، أو "صحوات" و"مجالس إسناد"، ولا الى عفو عام ، أو تسويات تأريخية كانت أو مجتمعية أو وطنية!

 

 سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك