المقالات

هل ستلتحق التسوية بمقبرة الندم؟!‏

2638 2017-01-06

محمد الحسن

‏       الإعلام زاحم ثالوث السلطات, وصار سلطة رابعة, متنازلاً عن مهمته الكبرى: التوعية وصولاً ‏لمجتمع متصالح مع ذاته ومع الحياة. لا نعني بالإعلام كمهنة وعلم؛ إنما إستخدمت سلطته من قبل ‏العصابات المهذّبة فحوّلته إلى سلطة متمرّسة في الإبتزاز وصناعة رأي عام يتقاطع مع الصالح العام. ‏

أطوار بناء المجتمع السليم الملتئم في كيان -دولة- تتعرّض للجمود في ظل تخلّف العقل الجمعي الذي ‏تستثيره الخرافة والغيب, فيسلّم بالمأساة على أنها قدر حتمي الوقوع لابدّ من المكوث به دون عمل.. وليس ‏هناك أفضل من هذه البيئة لتمرير مشاريع العصابات المهذّبة. تبدو تلك العصابات ممثّلة لرغبات الناس ‏ومصالحها, وما تلك الرغبات سوى أوهام بُنيت في رأس المجتمع, فيستقتل في الدفاع عنها. ‏

في ذلك الطور البدائي المرتكز على الهوى الممزوج بالسذاجة؛ يتكلّف أغلب الرجال في إظهار البراءة من ‏أي شيء غريب, وقلة تظهر فيها ملكة الشجاعة جلية عندما تعمل بوحي من الصالح العام, وغريب أنّ ‏المجافين للحق العقلي والمنطق المصلحي الإنساني, رغم إدراكهم لإوهام العقل الجمعي, يتنطّعون في إظهار ‏موالاتهم للرأي العام المبني على الوهم, مهما كان منافياً للصالح العام! لا شكّ في وجود التنافس والحقد في ‏الأوساط الدينية والسياسية والإجتماعية, بيد أنّ المصلحة الإنسانية تدفع ببعض العقول إلى إبتكار الحلول ‏المكرّسة لخدمة تلك القضية.. وربما الرحلة الأوربية المثيرة تصلح للمقارنة, عندما تخلّصت من المبالغة في ‏المقولات الفلسفية المفسّرة للكون والوجود, وركّزت على الإنسان كموجود ومصلحته بإعتباره قيمة عليا ‏تمثّل مركز الوجود؛ فظهرت المذاهب الحديثة والمعاصر: ماركسية, وجودية, براغماتيمة..إلخ. ‏

يذكر جواهر لال نهرو في كتابه "لمحات من تاريخ العالم" قصة خروج موسكو الشيوعية من الحرب ‏العالمية الأولى التي ورثتها من بطرسبرغ عاصمة الإمبراطورية الروسية, حيث شرط الألمان على ليون ‏تروتسكي -خطيب الثورة المفوّه- دخول قاعة المفاوضات بالبدلة الرسمية عوضاً عن العمالية التي ترمز ‏لأهم مبادئ الشيوعية, فأتصل تروتسكي بزعيم السوفيت فلاديمر لينين يستأذنه العودة, فأجابه الأخير:"لو ‏طلب منك الألمان الدخول بالشلحة النسائية فلا تتردد, مستقبل روسيا بين يديك".. خرج الروس من الحرب ‏بتأجيل أحد مبادئهم, إلا أنهم رفعوا الراية الحمراء فوق الرايخ بعد عقدين ونصف من الزمن, وبقيت حتى ‏سقوط جدار برلين بعد خمسة عقود.. هل أمتاز غيرنا بالعقليات الفذّة بينما عجزت أرضنا عن إنجابها؟!‏

لنتذكّر: اللجان الشعبية, الفيدرالية, أنبارنا الصامدة.. كلها حلول غريبة رفضت على أنّها مشاريع عمالة, ثم ‏صارت مطالب شعبية دون ندم على الرفض الأول. تلك بعض تجاربنا المؤلمة, واليوم هناك أمل بعبور هذا ‏الطور المزعج؛ فهل سيوضع ملف التسوية على ذات الأدراج المترّبة؟.. لن يكون الغبار عادياً هذه المرة؛ ‏إنما هو غبار تحمله السماء من تطاير بقايا تراب الوطن الذكرى!..‏

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك