المقالات

احرقوا كرامتكم


شهاب آل جنيح

ذلك الضوء الذي ينير الطريق الموحش، تلك الومضة في السماء المظلمة، ذلك الأمل الذي يبث في نفوس المحبطين، ذلك الذي اراق دمه ليَحفظ دمائنا، ذلك الذي أفنى روحه لأجل وطنه، ذلك هو الشهيد.

سائر المذاهب والأديان، تكرم الشهداء وتمجدهم؛ لأنهم بذلوا أغلى ما لدى الإنسان، في هذه الحياة، في سبيل وطنهم، فمسألة احترام الشهداء، وتقدير تضحياتهم، لم تكن مسألة دينية أو مذهبية فقط، بل هي من أهم أخلاقيات الشعوب وقيمها.

 من يهتك كرامة الشهداء؛ فهو بذلك يهتك كرامة الوطن، والقضية التي استشهدوا لأجلها.

الشهيد صالح البخاتي، كان قائدا في سرايا الجهاد، لم يكل ولم يمل، من الدفاع عن الوطن، منذ أن كان صبياً، حين بدأ جهاده ضد النظام الصدامي، حتى شهادته في الفلوجة، خلال معركة تحريرها من عصابات الإرهاب "داعش"، مابين بدايته للعمل الجهادي، وحتى تأريخ استشهاده، لم يتسنم الشهيد البخاتي أيّ منصب، سواءً حكومي كان أم سياسي.

الشهيد البخاتي خلال أيام حياته الأخيرة، التي قضاها في سوح الجهاد ضد الإرهاب، كان يصف هذه المعركة، بأنها معركة إنسانية، لان العدو عدو للإنسانية والوطنية، ولكل مخالف له، سواء بالعقيدة أو الفكر أو الرأي، عانق البخاتي الشهادة؛ فنال مناه بعد سنين من الجهاد في سبيل وطنه.

قضية حرق صور الشهداء، تُبرز للواجهة الانحطاط الأخلاقي والفكري والديني، الذي انحدر إليه من قام بهذه الفعلة، فالشهداء إنما ضحوا بأنفسهم؛ لأجل وطنهم وأرضهم، وليس من أجل مصالحهم الشخصية أو الفئوية، لكن يبدو أن هذه الصور أرعبتهم، وهزت عروش أسيادهم، لأنها أثبتت حقيقة المخلصين المدافعين عن وطنهم، وكشفت المنافقين من مرتدي قناع الوطنية.

بحرقهم لصور الشهيد البخاتي، شهيد الوطن والإنسانية والعقيدة؛ احرقوا كرامتهم، وأساءوا لوطنهم، وللدماء التي سالت فداء للأرض التي دنسها الإرهاب "الداعشي"، فكما نال الإرهاب من أجساد الشهداء، جاء هؤلاء لينالوا من صورهم، فهم وجهين لعملة واحدة، هي الإرهاب الذي يقتل ويحرق؛ لمجرد اختلاف بالرأي، أو الفكر أو العقيدة أو المذهب.

إن احرقوا صورة الشهيد هذه؛ فكيف لهم أن يحرقوا صوره في قلوب المحبين، والشرفاء المنصفين، من أبناء هذا الوطن؟ انتصر الشهيد الذي غاب جسده، وبقي جهاده وفكره وطريقه، يلهم الأجيال، أما من حرق صورته؛ فقد كشف للعلن، مدى تفاهته وجهله، واضمحلال فكره.

بعد أن نالت عصابات الهمجية والبغاء، من  الشهيد القائد صالح البخاتي،  فصوبت جسده فارتقى إلى عليين، وظلوا هم بجهلهم وكفرهم، في أسفل السافلين؛ أتى اليوم من يصوب سهامه، نحو صورته ليحرقها، ونسوا أن له صور على سواتر الجهاد، رسمت بالدم، وصور أخرى في قلوب المحبين، رسمها العرفان ورد الجميل.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك