المقالات

أقل من الفيدرالية وبعيد عن المركزية! / قاسم العجرش

1685 2016-03-05

قاسم العجرش

 الوجه الحقيقي للفيدرالية أو الإتحادية، وقبلها اللامركزية، أنها مسميات لها جامع واحد، فهي منهج حكم مضاد لمركزية الحكم!

ما هو ضد الشيء؛ يعني أنه مخالف له ولأطروحته، بمعنى آخر: أن الخيارين لا يلتقيان أبدا، فأما الحكم المركزي، أو الفيدرالي، وليس بينهما بين!

المشكلة في العراق الجديد، أنه وجد نفسه ممزقا بين الخيارين، فالحكم المركزي نظام ترغب به الإدارات، لأنه يشعرها  والعاملين فيها، أنهم اقوى من الإدارات الفرعية، وأن أبناء المحافظات ومسؤوليها، "أتباع" للمؤسسات المركزية، وأن الموظف في مؤسسات المركز، أعلى مرتبة من العاملين في الفروع!

هذا الشعور؛ نتاج لعقلية الإستحواذ والهيمنة والأبوية، التي طبعت الإدارات المركزية!

الحكم المركزي مطلوب في البدايات الأولى للدولة، وهو علاج لمشكلات البناء والتمويل، وضبط الحدود وإنشاء الإدارات، وتوفير الجهد البشري، سيما في حالات عدم توفر الكفاءات والنخب، القادرة على إدارة الأطراف، ولأن سنة التطور؛ تحتاج الي ذلك النوع من الحكم.

الحقيقة أننا جربنا الحكم المركزي، قرابة قرن من الزمان، بالقبضة المركزية الشديدة، لكن وبرغم تعودنا وتدبغ جلودنا على سياطه! فإننا أكتشفنا ـ متأخرين ـ أنه نظام ظالم كل الظلم، وان العدالة فيه شبه مفقودة، وأنه نتاج لعقلية القوي يأكل فيها الضعيف، ولذلك تمكنت فئات سكانية، من أن تهيمن على مقدرات وقرارفئات أخرى، وتستحوذ على ثرواتهم أيضا!

وحينما حانت ساعة التغيير، فإن الفئات المستحوذة، وجدت أنها ستخسر الإستحواذ ومردواته، ولذلك فإنها تقاوم التغيير بقوة، ومن بين وسائلها القوة. مثلما هو حاصل الآن!

بالمقابل فإن الفيدرالية تغدو خيارا لا بد منه، في علاج كثير من الأسقام، فهو دواء إداري ناجع في حالة إتساع الدولة وترامي أطرافها، كما انه أداة ثقافية في حالة  التباين الثقافي، لكنها لها نتائجها التي يجب معرفتها إبتداءا، وفي مقدمتها أنها توطئة لبناء دول جديدة!

 بين حالة الحكم المركزي الثقيل، والفيدرالية التي يخشاها كثير منا، ثمة مرحلتين يمكن السير بهما ردحا من الزمن، ريثما تتشكل صور أخرى للإدارة، ربما ليس بمقدورنا أن نفكر بها راهنا.

 المرحلة الأولى هي مرحلة الحكم المحلي، بصلاحيات تنفيذية ومالية وإدارية، تمكن أبناء الأطراف من تسيير أمورهم، دون الحاجة الى المركز إلا بالمشاريع والتصرفات، التي تهم عموم سكان البلاد، ودون أن تكون لديهم القدرة على التشريع، لكن لهم إمكانية وضع "أنظمة" محلية، تختص بما يلائمهم، ومعلوم أن ثمة فرق كبير بين التشريعات وبين الأنظمة والتعليمات، التي لا تكتسب قوة التشريع، وهي ملزمة لبقية السكان في حيزها المكاني.

المرحلة الثانية هي مرحلة الحكم اللامركزي، هذه هي التي يجب أن نسير على وفقها، لأنها ستخلصنا من الأغطية الثقيلة، وتعطي الأطراف سلطات واسعة، لكنها تحافظ على وحدة البلد وسيادته، وتشعر إبناء الأطراف بأن قرارهم بيدهم، وأن بإمكانهم تسيير أمورهم بنفسهم، شريطة أن يكون لهم نصيب"مهم" في مواردهم، لا أن يركضون والعشاء خباز!

كلام قبل السلام: يعني؛ أقل من الفيدرالية وأكثر من الحكم المحلي، وبعيدة بمسافة كبيرة عن الحكم المركزي..!

سلام....

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك