المقالات

تركيا : قواعد تغيير اللعبة ... العواقب والدروس

1500 2016-02-22

تعاني أنقرة في هذه الآونة من عدم استقرار امني وسياسي داخلي بعد الانتخابات الأخيرة وما أفرزته من قوى سياسية في البرلمان لأول مرّة في تاريخه بنسبة أعلى من المرّات السابقة لصالح المعارضة و تنامي وتيرة المواجهات العسكرية بين الأمن التركي والاحزاب الكوردية المعارضة المتهمة بالمسؤولية عن التفجيرات في العديد من المدن لغرض رفع حالات المواجهة معهم وخلق الاسباب الموجبة للتسقيط واعادة التموضع في جبهة اعزاز تمهيداً لعزل المنطقة . مما يوحي الى انها ساهمت في تخبّط سياساتها الداخلية والخارجية خصوصا بعد تأكّد انقرة من صعوبة الحديث عن حلّ سياسي للازمة السورية وتصاعد القتال مع الاكراد المسلحين ( bkk (. وفي الشمال السوري صراعٌ مسلّحٌ للسيطرة على جغرافيات محلية مُختلفة فيه، وذلك بين قوات حماية الشعب الكُردية YPG وتنظيم داعش مرّاتٍ كثيرة، وبين الأولى وبعض التنظيمات الارهابية الأخرى في مراتٍ غيرها، وفي أحيانٍ كثيرة بينها وبين بعض القوى المُسلحة المعارضة أيضاً.

وأدّت «غلبة القوات الكُردية» إلى فِرض واقع سياسي ذي صبغة سياسية قومية كُردية وهي ما تخوف الاتراك من مستقبل المنطقة ، ومن المعلوم ان الحرب الأهلية السورية أفضت إلى تبعات سلبية كبيرة على صعيد العلاقات الاقتصادية التركية مع سوريا والعراق التي كانت مزدهرة فيما قبل. أضف إلى ذلك ما تعانيه حركة السياحة الأوروبية في الأسواق التركية من ركود في الوقت الراهن.

الاوضاع الامنية في تركيا تزداد سوءاً يوما بعد يوم وتتفاقم الانفجارات التي اصبحت يومية . القيادة التركية بدأ ينتابها القلق الشديد حيال ما وصلت الية الأزمة السورية في غير ما كانت تتوقعه كما ان ما زاد الطين بلة إسقاط تركيا لطائرة السوخوي الروسية داخل الاجواء السورية، والذي يبدو ظاهريا أمرا مفاجئا، خلط أوراق الصراع في سورية وعليها وقلبت موازين القوى ،...فهي توقعت رحيلاً وشيكاً لنظامها السياسي القائم، لكن النظام لم يرحل بعد، ولا يبدو أنه سيرحل قريباً وفقاً لآخر المؤشرات، في المقابل، ما فتئت تركيا، وبالذات محافظاتها الجنوبية، تستقبل اللاجئين السوريين بأعداد كبيرة، وإلى جانبهم عناصر من المنظمات الارهابية الهاربة من اتون الحرب بعد الزحف الموفق للقوات السورية في مناطق القتال ، ومن عمليات القوات الكوردية التي اخذت بالتزايد يوما بعد يوم ،والواضح ان خرائط التحالفات والاصطفافات في المنطقة برمتها سوف تتغير بالضد لما الت اليه الاوضاع والتوقعات والمؤشرات تذهب الى ان تركيا قد تخسر كل شيء في القريب اذا ما اصرت واستمرت في مسيرها الحالي. ويشكل خطرًا محتملًا على الاستقرار والازدهار في هذا البلد .

من حهة اخرى تركية تخشى تماماً من أن حزب العمال الكردستاني بعد ان استعاد علاقاته مع موسكو، التي قد تبادر في تزود القوات الكردية بالأسلحة، وإن الدعم الروسي سيساعد الأكراد على تحقيق مطالبهم وهذا ما يقلق الحكومة التركية.

وهم الان في حال تحرك فعلي وفتحت له سورية أبوابها ولن يقفل ملفه ببساطة وكسر عظم لتركيا حيث تفقد دورها الغير المتوازن اصلاً في المنطقة، ولن ينفعها بعدها مفاوضات ولا مباحثات وتصبح العودة للخلف مستحيلة، وبالتالي في داخل تركيا هناك قوى ضاغطة بوجه أردوغان تدرك خطورة المراهنة على ما الت اليه الاوضاع ، وترفض أن تدفع تركيا ثمن المفاوضات الأمريكية مع محور المقاومة، وتدرك المعارضة التركية أن صبر إيران وسورية قد نفذ تماماً، والأهم أن المعارضة التركية تدرك أن روسيا اليوم ليست روسيا الأمس وقد لمست نهاية العام الماضي معنى تحرك القوات الروسية في أرمينيا والبحر الأسود.

الموقف الأمريكي المتردّد والباهت إزاء النظام السوري الحالي وتأثيرات ذلك على وضعها الإقليمي والداخلي أيضا ومن جهة مواقف اكثر الدول في العالمين الدولي و العربي وبعض الدول الخليجية التي تغيّر موقفها من الشدّة إلى اللين حول مصير الأسد، غير أنّ مازاد في إرباك السياسة التركية كان استغلال روسيا لهذا المشهد المتذبذب واختيارها هذا التوقيت الصعب ولكن المناسب لدخول الميدان السوري من أوسع أبوابه ونجاحها في فرض أجندتها هناك. مما جعلها القائد الفعلي للمعادلة السورية والغاء دور التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وممسكة في ذات الوقت بزمام الأمور . وإزاء هذه التطوّرات يرى مراقبون أنّ روسيا قوّضت بذلك الدّور المتردّد الذي تسعى تركيا لفرضه في سوريا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك