المقالات

ضرورة كتلة الاغلبية السياسية البرلمانية

2329 2016-02-18


خلافاً للولايات المتحدة فان اعضاء السلطة التنفيذية عندنا هم ليسوا سكرتاريات كالنظام الامريكي، كما ان المجلس ككل ليس جزءاً من السلطة التشريعية كالنظام البريطاني. وان تشكيل الحكومة لا يتم باختيار رئيس مجلس الوزراء ليقوم لاحقاً باختيار وزرائه، بل اشترط اختيار رئيس الوزراء ومنحه شهراً واحداً لتقديم حكومته التي يجب ان تحظى هي والمنهاج الحكومي بثقة مجلس النواب.. فان فشل رئيس الوزراء في مهمته خلال الشهر، فان على رئيس الجمهورية اختيار رئيس وزراء اخر (المادة 76/ثانياً). لذلك تعامل الدستور مع الحكومة على انها تضامنية وشخصية، وشخص هذه الثنائية في المادة (82). فهي تضامنية لان قراراتها وسياساتها تتخذ وترسم باغلبية اعضائها، لكنها شخصية لان لاعضائها مسؤوليات محددة، خصوصا لرئيس المجلس الذي عرفه الدستور بالمسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، فهو الذي يقوم بادارة مجلس الوزراء، وهو القائد العام للقوات المسلحة (المادة 78).

فالدستور منح صلاحيات للمسؤولين.. لكنه طوق ذلك دائماً –عدا استثناءات حصرية حددها- بالعودة الى السلطة المؤسسة للحق، كالعودة الى مجلس الوزراء او مجلس النواب او حتى الى الشعب في حالة حل البرلمان او الاستفتاء على قضايا محددة.

كانت احدى اهم الملابسات في تشكيل الحكومات السابقة والحالية، الخلط بين مشاركة المكونات ومشاركة الاحزاب. ففي الوقت الذي بدت فيه مشاركة المكونات امراً ضرورياً لوحدة البلاد -خصوصاً عند تأكيد كل المكونات لرغبتها في المساهمة الجادة، وعدم الذهاب الى سياسات تفرد وتسلط او افتراق ومشاريع خاصة- بدت فيه مشاركة جميع (نعم جميع) الاحزاب والكتل امراً معرقلاً لحسن اداء عمل الحكومة. مما قاد الى نتائج سلبية عديدة.. منها اختلاط المفاهيم والمناهج سواء داخل البرلمان نفسه او بينه وبين الحكومة، او حتى داخل الحكومة.. ومنها تضخيم مجلس الوزراء بشكل معرقل، وتحوله الى مجلس ترضيات وليس الى مجلس سياسات وخدمات واعمال. وهو ما حاول السيد رئيس المجلس حالياً الى تقليصه.. بل هو ما قاد وبمرور الوقت الى اختلاط اوراق الجميع. فلم يرَ الجمهور في مجلس الوزراء (ومجلس النواب ايضاً) غير نوع من التوافقات والمحاصصات، يقابلها فوضى من الصراعات، فصار يتعامل معها ككل واحد لا يميز فيها بين طرف واخر. 

من هنا تأتي اهمية كتلة الاغلبية السياسية البرلمانية.. فهدفها ليس تكريس سلطة احد او منازعة سلطة قائمة.. بل هدفها الثبات والواقعية في عمل البرلمان والحكومة. فخلافاً لما جرى حيث يتسابق الجميع للمشاركة، وحيث تمنح الوعود بدون حساب، لتضمن الحكومة اعلى الاصوات لنفسها، ولو على حساب الجدية وقدرة الايفاء في التطبيق لاحقاً، فان المطلوب اليوم اغلبية سياسية تضمن المقبولية الوطنية الواسعة، والمتفقة على منهاج الحد الادنى الضروري الذي لا يمكن للبلاد التقدم بدونه.

اغلبية تتفق تماماً حول عدد مركز ومحدد من البرامج والخطوات المحورية والاساسية، ولا تتعداها الى كل الامور والجوانب التي قد تبقى مورد خلاف، لكنها لا تعطل عمل الحكومة وسياساتها الاساسية. اغلبية احدى علامات جديتها حماية اقلية سياسية معارضة.. فتشعر الحكومة ان لديها سنداً قوياً واكيداً من اغلبية ثابتة وواضحة في البرلمان، وتشعر المعارضة ان لديها مساحات عمل لا تجعل اشتراكها في الحكومة قضية حياة او موت. بدون ذلك ستفقد الحكومة ولي امرها، ومصدر قوتها وتأييدها، وستفتح الباب اما لفراغ سياسي واسع، او لفوضى عارمة واتجاهات خطيرة.

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك