المقالات

العهد الوزاري.. ترشيد ام تعقيد

2334 2016-02-14

منذ ان تولى السيد العبادي رئاسة مجلس الوزراء وهو يظهر النوايا الحسنة والعزم الاكيد على اتخاذ خطوات اصلاحية لانتشال البلاد من ازماتها الحالية.. وبالفعل تحققت بعض الانجازات.. فتم استيعاب هجوم "داعش"، واستعيدت المبادرة والارض والجمهور والتاييد الوطني والدولي. ورغم كل الصعوبات والمشاكل المتراكمة تحسن المناخ السياسي العام والعلاقة بين مختلف الاطراف.

وتحققت انجازات في القطاع النفطي من حيث ارتفاع معدلات الانتاج والتصدير، ودرء ازمات توفير المشتقات، رغم فقدان نصف انتاجنا المحلي تقريباً وظروف الشحة المالية. وتم عبور عام صعب مالياً تراجعت فيه موارد الدولة واحتياطاتها بشكل خطير، فقلص الانفاق كثيراً وتم البحث عن مصادر تمويل جديدة. وبدأت مؤسسات عديدة بالاعتماد على نفسها، وليس على موازنة الدولة، في ادارة مرافقها ونشاطاتها. وطرحت الكثير من الخطط التي من شأنها تنشيط القطاع الاهلي والخاص، رغم ان معظم هذه الافكار لم تجد طريقها للتطبيق، بل احياناً عرقلت باجراءات مضادة من قوى متخلفة او مستفيدة. وتحسنت العلاقات الخارجية مع الجوار والعالم رغم التعقيدات والصعوبات. رغم ذلك ما زالت الاوضاع صعبة.. وتواجه محاولات الاصلاح صعوبات جمة، ولكن قبل بحث الموضوع دعونا نشير الى حقيقتين لهما تأثيرات سلبية كبيرة.

الاولى: هناك جبهة واسعة همها الاول والاخير اسقاط التجربة وليس اصلاح الاوضاع.. وان عدم وعي هذه الحقيقة قاد بعض القوى، لخلط اوراقها مع اوراق تلك الجبهة بتلاوينها المختلفة، خصوصاً عندما يتعلق الامر بتسقيط المنافسين السياسيين في العملية الواحدة، وهو ما نشر فوضى اعلامية وسياسية باتت احدى امراض المرحلة، واحدى عوامل عطل الدولة والحكومة، واحدى عوامل ازدياد الاضطرابات والانقسامات.

الثانية: هناك صراعات اقليمية ودولية تلعب دوراً حاسماً في توفر عوامل الرضا والقبول عن هذه الحكومة او تلك القوة، او هذا الاجراء او غيره، بكل الاضرار والنتائج السلبية على البلاد.

بعد اخذ هاتين الحقيقتين بنظر الاعتبار، وبعد ان ذكرنا الانجازات المهمة، ولكن غير الكافية لانطلاق الدولة والمجتمع، يبدو واضحاً ان "العهد" عليه ان يحسم مساراته ويوضح مناهجه. فالعقدة هي ليست اصلاحات ترفضها القوى السياسية، فلقد منحت "النجف الاشرف" وجميع القوى السياسية بدون استثناء تأييدها المطلق لحزمة الاصلاحات الاولى واللاحقة، كدليل ان الرشد والقوة والزخم والفاعلية والوضوح والواقعية والجدية والحزم وايجابية الاثار التي تحملها افكار الاصلاح وتطبيقاتها الفعلية، هي التي من شأنها انجاح هذه الاجراءات، وليس اي امر اخر.

تكمن المشكلة في التناقضات والتضادات المعطلة.. فلا يمكن الحكم وفق الدستور، وفي نفس الوقت تغليب التطبيقات والتعليمات والتشريعات المناقضة له تماماً والموروثة من النظم السابقة.. ولا يمكن ان يكون احدنا حزبياً في الليل ومستقلاً في النهار.. او ان انتقد الاخرين ولا اصلح حالي وشأني.. او ان اطلب المؤسساتية من الاخرين واعمل انا بالفردية.. فاذا كانت الاحزاب عقبة، فهذا يجب ان يشمل الجميع، والذهاب الى حكومة لا حزبية، باشراف وضمانة كتلة الاغلبية السياسية البرلمانية من كافة المكونات والاحزاب وفق ميثاق الحد الادنى الضامن لحل المشاكل الاساسية للبلاد.. واذا كانت المناصب قد وزعت وكالة خلال المرحلة الماضية خلافاً لقواعد الخدمة العامة والمصلحة العامة، فهذا امر يخص الجميع وليس اطرافاً دون اخرى.. واذا كانت المحاصصة وقلة الخبرة هي العقبة، فهذا امر عام وليس خاص بجهة. فالاصلاحات يقوم بها الجميع ولمصلحة الجميع، او على الاقل الاغلبية السياسية المصممة والجادة على مواجهة الازمات وتقديم الحلول الناجعة. فالاهم اليوم هو الرشد والقوة والزخم والفاعلية والوضوح والواقعية والجدية والحزم وايجابية الاثار في مناهجنا.. فاللاحزاب وللسياسيين دورهم، وللمستقلين والتكنوقراط دورهم.. ولابد من مزاوجة هذه الامور، كل في موقعه، وبافضل ما يمكن ان يقدمه.. بعيداً عن الامور الشكلية والاشخاص والمواقع.. والتأكيد على معالجة الظواهر الكبرى والبناءات الاساسية والاهداف الحقيقية، التي يمكن للشعب ان يلمسها ويتحسسها، والتي تسمح للبلاد وللقوى المخلصة بالتقدم الى الامام.

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك