المقالات

الانقسامات السياسية.. هل هي مرعبة؟

1653 10:37:45 2016-01-13

تسود حالة من الانقسامات السياسية ليس بين المكونات او بين القوى السياسية والاحزاب فقط، بل داخل المكونات ايضاً.. وغالباً ما تسيطر النقاشات عن الخلافات السياسية على اللقاءات والاجتماعات والمنتديات المختلفة.. فهل هذه علامة جيدة، ام سيئة؟ وهل هو امر مرعب ان تطفو الخلافات على السطح ليتداولها الناس والمواقع ووسائل الاعلام.

من يفتش عن الاطمئنان يمكنه القول بان الخلافات امر طبيعي، ومسألة تلازم اجواء الحريات والديمقراطية.. ففي النظم الاستبدادية تتقنع الخلافات وتجري تحت السطح، لكنها عندما تظهر وتعبر عن نفسها، فغالباً ما يكون ذلك بوسائل عنيفة مدمرة.. وغالباً ما تمر البلدان بمراحل من الفوضى والتأييد الاعمى لبعض الافكار التي يتم تبنيها تحت ضغط الخلاص من الاسوء.. لذلك تكسب الامم على المدى الطويل عندما تجري الخلافات على السطح.. فهي تشكل حالة تنفيس تخفف من الافعال وردودها، وتسمح بالحكم والتمحيص على الكثير من الخلافات.. فتتقدم الاراء الناضجة والسليمة، وتتراجع الاراء الخادعة والخاطئة.. مما يسمح بتفكيك الكثير من الاوهام والاحتقان والتجارب الفاشلة. كذلك يمكن لمن يفتش عن الاطمئنان القول ان الدول جميعها تشهد هذه الحالة من الخلافات والتدافعات، والتي تصل احياناً الى مستويات لا تقل، ان لم تكن اكثر مما لدينا.. وهناك محاججات اخرى لا داعي للاطالة فيها.

اذن هل هناك اطمئنان بان ما يجري امر طبيعي؟ وهل ان ما يتم تداوله عن حق من اختلافات داخل جميع القوى السياسية دون استثناء هو امر محمود؟ وان الانقسامات الجارية في كردستان اليوم هو ما يجب ان نراه؟ وان الانقسامات في الوسط السني هو شيء مطلوب؟ وان الخلافات في الوسط الشيعي هو لمصلحة البلاد، وان ذلك كله هو مجرد تعبير عن الحريات والديمقراطية؟ وهل ان التنابز بين المكونات وحالات الخوف والحذر بعضها من بعض، وسلوكيات الانكفاء على الذات هي حالات لا تهدد وحدة البلاد؟ وهل ان ما يجري في الحالة الاقليمية من تفكك وحروب داخلية كما في العراق- لا يشكل منطقاً لمزيد من الاقتتال والمزيد من التداعيات الخطيرة، التي تجعل الخلافات مقلقة بل مرعبة حقاً.

نعم هناك اخطار جدية.. وان بعضنا -لجهل او لغرض- يريد ان يخترق حتى السقوف المقبولة الضامنة لوحدة البلاد ومصالحها الاساسية، والتي يجب ان لا تسمح للخلافات ان تتجاوزها.. سواء اكانت داخل الاحزاب والقوى السياسية، او بين القوى والمكونات، او بين العراق ومحيطه. ونعتقد ان التجارب قد برهنت بان البلاد ليست سائبة.. لا وطنياً ولا اقليمياً ولا دولياً.. وان القيادات والمتصدين والمسؤولين يجب ان لا يسمحوا بان يكونوا ادوات لخلافات تخترق السقوف المقبولة وطنياً واقليمياً ودولياً، والا سيدفعون هم، كما ستدفع البلاد الثمن. وان تجربة "داعش" في احتلال الموصل خير دليل على ذلك. فأي غرور او عناد هنا سيكون سلوكاً قاتلاً.. وأي خلاف لا يسمح بالوصول الى حلول وتسويات، ولا يقود سوى الى الفوضى والصراعات هو خلاف يتجاوز السقوف المقبولة، ويجب ان نتصدى له جميعاً لنعيده الى نصاباته. فتحت سقف معين يسمح لكثير من الاختلافات.. اما خارجه فان نمو حالات هجينة ومواقف متطرفة ومتفردة، ستقود بالضرورة الى مآلات مدمرة وقاتلة.. والتاريخ كله شاهد على ذلك.
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك