المقالات

الوساطة العراقية والمصالح الوطنية

1696 2016-01-10

اذا كانت السياسة الخارجية تعني مجموعة الأهداف السياسية التي تحدد كيفية تواصل بلد ما مع البلدان الأخرى في العالم... فان الدول تسعى دائما عبر سياساتها الخارجية إلى حماية مصالحها وأمنها الداخلي والمحافظة على ازدهارها ومصالحها الاقتصادية. وقد تحقق الدولة هذا الهدف عبر التعاون السلمي مع محيطها الاقليمي او عبر الحرب والعدوان والهيمنة واستغلال الشعوب مثلما تقوم سياسات اغلب الدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة الامريكية.

واذا كانت مدرستان مثالية وواقعية هما المتحكمتان الأساسيتان في نظريات السياسة الخارجية وقياس سلوك الدول وممارساتها اضافة الى المدارس الليبرالية والماركسية ، فاننا نقف ونتأمل كثيرا السياسة الخارجية العراقية بعد والى اليوم لنجدها بعيدة كل البعد عن تسميتها بسياسة خارجية؟؟ ، فقد تربع الوزير السابق لمدة عشر سنوات على المنصب عمل فيها بثوابت المدرسة الواقعية التي تتبنى موقفاً يُعنى بالمصالح الخاصة للدولة بالدرجة الأولى ولا يبالي بمصالح الدول الأخرى ولكنه لم يعمل لصالح العراق بل عمل بجد لمصلحة اقليم كردستان فكان حريصا على فتح ممثليات له في كل البلدان وتدريب الكوادر الكردية التي استولت على الوزارة لفترة طويلة لإدارة وزارة الخارجية القادمة في الاقليم خلافا للدستور ولواقع العراق الفدرالي الاتحادي الموحد.

ولم نبتعد كثيرا عن شخص الوزير لنجد ان وزارة الخارجية انتقلت فينا من المدرسة الواقعية الى المدرسة المثالية وفق مفهوم أهداف واسعة النطاق من شأنها أن تنفع أكبر عدد ممكن من الشعوب والدول.. وهذا ما وجدناه واضحا في مساعي الوزير الحالي للتوسط بين السعودية وايران التي عليها بعض علامات الاستفهام من قبيل انها جاءت خلافا لموقف رئيس الحكومة الذي قال ان العراق لن يتدخل في الخلافات الإقليمية ، وخلافا أيضاً لرغبات الشعب العراقي الذي يتظاهر يوميا لاغلاق سفارة السعودية ببغداد لاعدامها رجل الدين الشيخ نمر باقر النمر.

ان تدخل العراق في اي ملف خارجي اقليمي يجب ان يكون نابعا من مصلحة العراق اولا؛ والعلاقة الإيجابية بين طرفي الخلاف ثانيا؛ حتى نضمن نجاحها وهو ما نراه غير متحقق مع السعودية التي لم تفتح سفارتها في العراق الا بعد عاما من سقوط النظام وعلى مضض.. فكيف نتوسط بينها وبين ايران التي تجمعنا علاقات إيجابية معها؟ وكيف نتحدث للإعلام عن هذه الوساطة قبل زيارة عاصمتي البلدين وأخذ الضوء الاخضر للتدخل بعد تلمس القبول والايجابية لدى الطرفين؟ والم يكن الأحرى بنا التركيز على المشكلة مع تركيا والعمل على اخراج قواتها المحتلة من بعشيقة بدلا من الانغماس في الخلافات الإقليمية؟؟!!.

مما تقدم نستنتج ان السياسة الخارجية العراقية تعاني قصورا واضحا بعد عام ، لعدة اسباب منها:
ان السياسة الخارجية رهينة بمصالح ضيقة وليس لها علاقة باهداف وستراتيجيات.
ان واحدة من اهم عناصر قوة السياسة الخارجية ان تكون نابعة عن مصالح البلد ورغبات ومصالح شعبه؛ وهو ما نجده مخالف تماماً في العراق حيث انها بعيدة كل البعد عن رغبات الشعب وتوجهات مكوناته.
ان المدرسة الواقعية هي الأنفع للعراق في السياسة الخارجية ورغم ذلك نرى سياستنا الخارجية تجامل احيانا على حساب مصلحة البلد الاقتصادية وحتى اهدافه السياسية.

ان سياسة العراق الخارجية لن ولن تنجح سواء كانت محايدة او منحازة لطرف اقليمي او دولي اذا لم تنبع وتعبر عن مصالح البلد ورغبات ابناءه واذا لم تعرف موقعها الحقيقي والفعلي في المحيطين الاقليمي والدولي.. انها دعوة للتحالف الوطني باعتباره من شكل الحكومة لإعادة النظر بسياسة العراق الخارجية على أسس علمية تحفظ وجه العراق وتحافظ على مصالحه وامواله من الهدر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك