المقالات

كهنة المشارف

1435 2015-09-30

طغى رحبعام بن سليمان بن داود، فائقا ظلم أبيه وجده، على قومهم.. بني إسرائيل، الذين نظموا وفدا يستعطفه: "أبوك أثقل نيرنا؛ فخفف أنت".. إستمهلهم ثلاثة أيام، ثم رد: "أبي أثقل نيركم وأنا أزيد، وأدبكم بالسياط، وأنا أؤدبكم بالعقارب" ثاروا عليه، مسقطين ملكه، الذي إستعاده، بعد عهد بالعدل، نكثه، متخذا من قطاع الطرق "كهنة مشارف" سلم أمر البلاد لهم.

ورد ذكر "كهنة المشارف" في الفصول 7 13 من "سفر الملوك الثالث" في "التوراة" معرفا بهم: "وعاد ليقيم كهنة من سوقة المجتمع وشذاذ الآفاق؛ أسماهم "كهنة مشارف" تنكيلا بالشعب، فكل من شاء أن يكرس يده.. وسيط رشوى، جعله كاهنا؛ وكان ذلك سببا للرب بإستئصال شأفته من على وجه الأرض".

راحوا يستلبون الشعب رشاوى بالقوة، يقدمونها قرابين للمعابد الآثمة، في حضرة ملك جائر؛ فالمشارف، هي العشوائيات بالتعبير المصري المعاصر والحواسم بتعبيرنا العراقي والتجاوز على أملاك الدولة بالمصطلح الرسمي في دوائر الطابو، أما حينها.. إبان حكم رحبعام، بحسب "التوراة" فهم سكان الخيام الواقعة على مشارف "السامرة" عاصمة بني إسرائيل، في فلسطين، لا يجيدون صنعة نافعة، إنما يعتاشون من البغاء وقراءة الطالع والسرقة والغش والتسليب، وخلال الدولة الأموية تخصصوا بصناعة السيوف المشرفية، في ريف دمشق.

تخيل عندما يصبح هؤلاء كهنة يديرون سياسة البلد، من معابد يأتمر الملك بفتاواها؛ أي بلاء يجرونه على الشعب الذي سلمه لهم حفيد داود، من دون ما حول ولاقوة؛ تنكيلا بثورتهم عليه، حتى خاطبه الرب في التوراة: "زاد عملك سوءا على من كان قبلك" في إشارة واضحة لأبيه سليمان وجده! 
رباط السالفة، هو أن التاريخ محوري، يعيد تكرار أحداثه، حيثما توفرت الظروف الملائمة لكل حال على حدة.. سلبا أو إيجابا، وهذا ما فعله بنا الطاغية المقبور صدام حسين، طيلة ثلاثة عشر عاما فاصلة بين هزيمته في الكويت وسقوطه يوم الأربعاء 9 نيسان 2003؛ إذ نكل بالشعب، مكرسا العقوبات الدولية - الحصار عليه؛ جزاء إنتفاضة العراقيين ضده، في آذار 1991.

لكن لم يسعفه خياله المتشبع بألاعيب الديكتاتورية، أن يصدر مراسيم جمهورية بشذاذ الآفاق "أئمة جوامع" و"خطباء" و"مجتهدون" إنما أمريكا، هي التي جمعتهم من "مشارف" الغرب، ورسمتهم "كهنة" على السلطة في العراق، بعد 2003، لا يخجلون من سرقة المال العام ولا يخشون القانون او يتقون الله، مطلقين شهوة المال التي لن ترتوي؛ حتى حق بهم تحوير الآية التوراتية: "لقد فقتم صدام ظلما للعراقيين".


*مدير عام مجموعة السومرية

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك