المقالات

النزعة الاستهلاكية خطرة دون النزعة الانتاجية

2311 2015-09-18

العراق ليس البلد الريعي الوحيد الذي يعتمد في موازنته وموارده على النفط.. فمعظم البلدان النفطية المحيطة بالعراق كالدول الخليجية وايران مشابهة من هذه الزاوية لاوضاع العراق.. الفارق هو ان النزعة الانتاجية تتراجع عندنا بينما تسعى تلك الدول لزيادتها في بلدانها.

فبات العراق مستورداً من الدول المجاورة الاقل مؤاتاة من ناحية الموارد الطبيعية لسلع كالحليب والماء والاجبان والتمور والفواكه والخضروات والحاجيات المنزلية كالاثاث والادوات المطبخية والشخصية كالاقمشة والملابس والاحذية، وبعض الاجهزة الصناعية، بل استطاعت ايران ان توجد لنفسها سوقاً مهمة في العراق لتصدير الماركات الايرانية من السيارات.

تعتمد نماذج الدول النفطية الخليجية على تشجيع الاستثمارات الوطنية والاجنبية وفتح كافة المجالات للاستثمار وجلب ارقى المعامل واكثرها تقدماً، واقامة افضل المزارع والمراعي، وجذب السواح والمحافل الدولية، واقامة المؤتمرات العالمية والاقليمية، وتنظيم اعلى اشكال الورش والدورات التدريبية، وارسال عشرات الاف الطلاب سنوياً للحصول على اعلى الشهادات والتقنيات، اضافة لاستثمار مئات مليارات الدولارات في مشاريع واستثمارات خارج البلاد.. صحيح ان نموذج الدول الخليجية خاص لاسباب عديدة منها طبيعة العمالة الاجنبية والطبيعة السكانية، لكنها تجربة يمكن التعلم منها كثيراً خصوصاً في اطار تحديث الادارات وترشيدها وفقاً للمعايير العالمية، وتقليل الاعتماد على القطاع العام لمصلحة الاستثمارات والقطاع الخاص.. ففي الامارات مثلاً خفض عدد الموظفين الى العُشر تقريباً، واخذت الدولة تتعاقد وتشتري الخدمات بدل ان تقوم هي بها، موفرة بذلك اموالاً عظيمة، وخدمات افضل، وفساداً اقل.. فدول الخليج النفطية هي من اكثر الدول استهلاكية ايضاً، لكنها باتت بالمقابل دولاً تتقدم في مجال الانتاج والاستثمار، واحدى الادلة لذلك، اننا بتنا دولة مستوردة من هذه الدول بعد ان كنا دولة مصدرة لها.

اما النموذج الايراني كبلد نفطي، والذي يشكل ناتجه الوطني الاجمالي 406 مليار دولار في 2014، وهو الثاني في المنطقة بعد السعودية، فان سيطرة الدولة ما زالت كبيرة لتصل الى 50-60% من الاقتصاد، لكن صلاحيات غير قليلة تعطى للمؤسسات الرسمية للمبادرة او لتشكيل الشركات المرتبطة بها والتي تستطيع التصرف بمرونة اعلى من البيروقراطيات عندما تسود، بشكل مطلق.. كما ان قوانين الملكية وتأسيس الشركات والمصارف والمصالح الخاصة والاستثمار في الخارج ونزعة العمل والانتاج تجد تشجيعاً كبيراً من قبل المجتمع والدولة على حد سواء. لذلك استطاعت ايران توفير الحاجيات الزراعية والصناعية والاستهلاكية والخدمية، بل تقوم بتصديرها في الاسواق الاقليمية والدولية، رغم انخفاض موارد النفط ليس فقط بسبب انخفاض الاسعار بل ايضاً بسبب الحصار والعقوبات.

ان استمر العراق بالتركيز على الانتاج النفطي على حساب انتاج القطاعات الحقيقية الزراعية والصناعية والخدمية، الخ.. وان استمر التركيز على الاستهلاك والمزيد من الاستهلاك، فان الازمة الحالية لن تكون الازمة الاخيرة، بل سنواجه ازمات اخطر واشد لن تتحملها البلاد.  
عادل عبد المهدي
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك