المقالات

قانون العشيرة يتفوق على سلطةِ القانون

1080 2015-07-31

العراق الذي يشارك شعبه العالم العيش في العقدِ الثاني من الألفيةِ الثالثة، ما يزال رهين سطوة النظام العشائري الذي انحرفت توجهاته الموروثة من تجاربِ عشرات السنين عن سياقاته العامة التي كانت تنحى صوب رأب الصدع وإصلاح ذات البين عبر أعراف متفق عليها، حيث ساهمت هذه المنظومةِ في حسمِ كثير من النزاعاتِ والخلافات التي حصلت بعد أن جهدَ أهل الحكمة من السادة والشيوخ والوجهاء فيما مضى بحقنِ دماء المسلمين وتحقيق الصلح ما بين المتخاصمين.

يمكن القول إن قانونَ العشيرة لا يمكن له الظهور إلى العلنِ واختراق صوته أرحب الآفاق في ظلِ سيادة سلطة القانون التي تعكس قوة الدولة وحزم أجهزتها التنفيذية، ولاسِيَّمَا الأمنية في مواجهةِ من تسول له نفسه محاولة الإساءة إلى الشرائحِ الاجتماعية أو أي من أفرادِها. إذ أصبحتْ العشيرةُ تحاول تطبيق ما يناسبها من قوانينٍ تحقق لها مآربها بمعزلٍ عما متعارف عليه من لوائحٍ عرفية جرى إقرارها منذ عقودٍ طويلة بصيغةِ سنن ملزمة التطبيق يشار إليها باسمِ ( السنينة )، إلا أن السنواتَ التي أعقبت التغيير السياسي عام 2003 م، أفرزت كثيراً من الظواهرِ التي تعد خروجاً على مفهومِ العشيرة بعد أن تجرأ البعض على فرضِ شروط لا تتلاءم طبيعة مضامينها مع أحكامِ عشيرته العرفية المتعارف عليها، ولاسِيَّمَا الأشخاص المتنفذين في السلطةِ أو أصحابِ رؤوس الأموال التي جرى بناء أغلبها بطريقةِ السحت الحرام مستغلين ضعف بعض شيوخ العشائر أمام الإمكانيات المادية والمعنوية لهؤلاء الاشخاص، الأمر الذي أدى إلى ضياعِ أغلب الأعراف التي كانت تشكل بصياغتها الإنسانية وصدق النيات بحسنِ تطبيقها الضوابط الأقرب إلى متطلباتِ إشاعة الود والتسامح في مجتمعِنا.

اللافت للانتباه أن العراقَ الذي تسعى حكومته منذ أكثر من عقدٍ من الزمانِ إلى ترسيخِ التقاليد الديمقراطية بعد محن سنوات النظام الشمولي، ما يزال بحاجةٍ إلى تفعيلِ سلطة القانون التي أصبحتْ قبالة قوة منظومة العرف العشائري ومنعتها بمثابةِ امتداد لسنواتِ الفراغ الأمني التي أعقبت سقوط النظام السابق، ما أفضى إلى معاناتها الضعف والهشاشة في التطبيق. وأدهى من ذلك تسابق كثير من المسؤولينِ في السلطتين التشريعية والتنفيذية لتكريسِ غلبة قانون العشيرة على أحكامِ الدستور، فضلاً عن حزمةِ القوانين والتشريعات النافذة لغايةِ الدعاية الانتخابية أو من أجلِ التستر على مفاسدِهم وعبثتيهم التي ساهمت بإدخالِ البلاد في مستنقعٍ من الأزماتِ التي لا حصر لها، حيث وصل الأمر ببعضِهم إلى معالجةِ ما يحصل بينهم من خلافاتٍ بعيداً عن مؤسساتِ السلطة القضائية، واللجوء طوعاً إلى حيثياتِ النظام العشائري بعد تيقنهم على ما يبدو أن سلطةَ القانون قد أصابها الوهن وفت عضدها جراء مساهمتهم بالتسترِ على ما ظهر من قصصِ الفساد المثيرة!!.
في أمانِ الله.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك