المقالات

داعش ..جغرافيا مثيرة

1306 22:07:53 2015-07-22

 

مقدمة 
======
لاتوجد حركة مسلحة اياً كانت ايديوليجيتها , الا وتحتاج الى امدادات لوجستية وبشرية راعية لها رعاية كاملة , سواء كانت حركات مسلحة تحررية , او كانت ارهابية, بل ان الحركات التحررية قد تمتاز عن الارهابية في ان بامكانها المطاولة بشرياً من خلال استعطاف ابناء شعبها بالانتماء لها وامدادها بالرجال .

اما الحركات الارهابية فلايمكن ان تدام تعويضاتها البشرية مالم يكن لها داعمون يجاورونها جغرافياً, يسهلون لها وصول المقاتلين والسلاح والدعم اللوجستي , سواء كانت الدول الداعمة تلعب دور الوسيط بقوميسيون بالنيابة عن طرف ثالث داعم , او ان تكون هي الراعي والداعم الاساسي .
والامثلة كثيرة ومتواترة بالنسبة للحركات التحررية او الارهابية ,فبالنسبة للراعي الجغرافي المباشر نجد مثاله في ايران , فمعارضوا نظام الطاغية صدام المسلحون ماكان لهم ان يطاولوا لولا الدعم الايراني (سواء في فترة الشاه بدعمه للاكراد بزعامة المرحوم ملا مصطفى البارازاني, او في فترة الجمهورية الاسلامية بدعمها لمقاتلي الاهوار والجزيرة ) , وكذا الحال بالنسبة للحركات الارهابية المتطرفة في سيناء , لابد انها تستفيد من راع داخل اسرائيل او داخل اراضي السلطة الفلسطينية .

اما عن الرعاة غير المباشرون , فابلغ دليل هو الدعم السعودي للقاعدة في افغانستان ابان الاحتلال السوفيتي ومابعده , والذي كان يتم عبر وسيط جغرافي يتمثل بباكستان . وباختصار , حين ترى اية حركة مسلحة , وبالخص الارهابية منها فما عليك الا ان تفتش عن الراعي الجغرافي , ولايمكنك ان تقضي على الحركة الارهابية مالم تقطع مشيمتها برعاتها المباشرون في الجوار الجغرافي .

==============
القاعدة عبر مطار دمشق
============== 
كلنا يتذكر , ان ارهابيي القاعدة كانوا يتسللون منذ سقوط نظام صدام حتى اواخر عام 2007 عبر الحدود السورية برعاية رسمية حكومية , وكان وقتها بشار الاسد بطل في عيون العرب والخليجيين خصوصاً , وكان قصص الارهابيين في اعترافاتهم متشابهة في مجيئهم من كل الدول العربية وافغانستان وباكستان الى سوريا ويتلقون التدريبات والرعاية , ثم تستلم المخابرات السورية اوراقهم الثبوتية وتسلمهم لمهربين لايصالهم للحدود العراقية , وكان قلة قليلة منهم ياتي عبر الاردن , ولكنهم لم يكونوا يأتون برعاية حكومية اردنية وانما بارادات منظمات اردنية داعمة للارهاب بشكل غير معلن , وبعد ان اكتوت سوريا بنار الارهاب , جاء الدور التركي لدعم الارهابيين عبر حدوده معها وتسهيل تسللهم .

===========
الجغرافيا تصنع التاريخ
=============
ان نظرة موضوعية لجدود دولة داعش المزعومة والتي تمددت عبر اراضي العراق وسوريا تحتاج منا التدقيق الاستخباري , فحدود الدولة المزعومة واضحة وتتمثل بالاردن بالجنوب الغربي والمحافظات العراقية في الجنوب وكردستان في الشرق , وسوريا في الغرب وتركيا في الشمال (في الجزء السوري من الدولة المزعومة ).

ان اي تحليل منطقي سيصل بالتأكيد للنتائج التالية : بالنسبة لكردستان في الشرق, فانها تقاتل داعش وتعطي شهداء , وبالنسبة لجنوب الدولة المزعومة تقع المحافظات العراقية وهي مكفرة من قبل داعش بسبب المذهب , اما بالنسبة الى سوريا فحدود داعش معها هي في حرب مع القوات الحكومية من جهة ومع جبهة النصرة في قسم ثاني من تلك الحدود , وبالنسبة للاردن فانها جزء من التحالف الدولي ضد الارهاب وداعش , وطائراتها تقصف مواقع داعش , وبالاخص بعد حرق الدواعش للطيار الاردني. 

لم يتبق من دول الجوار الجغرافي لدولة داعش المزعومة سوى جار واحد , له سوابق في دعم الارهاب في سوريا , وله لواحق في ذات الدعم للاخوان في مصر , وله سوابق شنيعة في تأجيج الطائفية في العراق من خلال المؤتمرات المذهبية , ناهيك عن مطامعها الخارجية في الاراضي السورية والعراقية , وكلنا يتذكر ان حفاظ الدواعش على حياة افراد القنصلية التركية والسواق الاتراك اثر احتلالهم للموصل .

ان تركيا هي الوصل الجغرافي الطبيعي الوحيد الذي تجدد فيه داعش دمائها بالمقاتلين الاجانب , وهي البلد الوحيد الذي يتدفق منه الاجانب المقاتلون عبر الحدود الى سوريا ومن هناك الى العراق , والامر لايحتاج الى حنكة كبيرة للاستدلال في ان ما تحدث عنهم بان كي مون في تقريره الاخير قبل ايام من تدفق 25000 اجنبي من 100 دولة الى داعش في العراق وسوريا , في ان معظمهم ان لم نقل كلهم قد سافروا الى اسطنبول ومنها الى سوريا والعراق , والا فأي عاقل يتصور وجود 1000 صيني ومئات البريطانيين والاوروبيين مع داعش في العراق , ولايستنتج انهم قد جاؤوا عبر مطار اتاتورك في اسطنبول!!!هل نزل هؤلاء الى الانبار وبيجي والموصل وصلاح الدين من القمر ؟؟!!!. 

الغريب في الامر ان العالم كله يعرف واولهم الاوروبيون والامريكان (الذين لهم قاعدة عسكرية في تركيا) يعلمون بالاستنتاج المنطقي وبالشواهد والتحقيقات الاستخبارية , ان محطة انطلاق الدواعش الاوروبيين والاسيويين, هي تركيا ولاأحد غيرها , لاسيما وان مطاراتها تعد قبلة السواح الاجانب , بل ان حدود تركيا مع داعش هي حدود طبيعية , فشرطة الحدود جنوب تركيا يتكلمون ويسامرون مع الدواعش عبر السلك الحدودي , بلا اي تحفظ , وهنالك عشرات الصور ومقاطع الفيديو المبثوثة على النت , التي تبين تنقل الدواعش بشعاراتهم المعروفة وازيائهم وشعورهم ولحاهم الكثة في باصات اسطنبول بكل حرية .

ولي ملاحظة استخبارية على الشعور واللحى الكثة تلك , قد تدخل في باب النكتة لكنها حقيقة واقعة , فالملاحظ على الدواعش ان لحاهم الطويلة وشعورهم تحتاج الى سنوات لتربيتها , فهم لم يطيلوها هنا في الانبار او بيجي , وانما من المنطقي ان تطول في مستعمرات تدريب قبيل مجيئهم , ولانستبعد ان يقيموا معسكراتهم في تركيا , وقد فعلتها قبلهم المخابرات السورية ودربتهم على كل انواع التفخيخ والتفجير , وهو تدريب لايتاح للاوروبيين او الصينيين في بلادهم .

لقد وصل الامر في مهادنة تركيا الى قمته المأساوية حين رفض اوردغان امس (بعد تفجير تسبب في جرح وقتل المئات في كوباني التركية ) رفض ان يدين داعش بالاسم واكتفى بادانة العمل الارهابي الجبان !!!, فهو يعلم يقيناً ان داعش صديق لتركيا , وان التفجير يدخل في باب تصارع نفوذ التنظيمات الارهابية في سوريا

=================
دبلوماسيتنا الى اين ؟؟
=============
رغم كل الشواهد , فان الدور التركي في دعم الارهاب , وتدفق الارهابيين , يحتاج منا الى وقفة صارمة واستنكار وضغط اممي عبر القنوات الدبلوماسية وعبر فضح تسلل الدواعش الينا من تركيا ,لكننا بدلاً من ذلك نجد علاقات طبيعية وتجارة متطورة بميزان تجاري لصالح القاعدة الصناعية التركية , وكأن تركيا تدعم الارهاب في العراق باموالنا , ونحن خانعون بلا اي اعتراض او حتى شكوى اممية , ولانحرك استخبارياً (بالتنسيق مع روسيا مثلا) في جمع ملف يدين تركيا .

ولاتعويل هنا على الاوروبيين , الذين يعلمون علم اليقين حقيقة الدور التركي في استقطاب الاجانب , فالغرب مرتاح بالخلاص من متطرفيه ليُقتَلوا , او يَقتلوا, في العراق , بل ان الغرب يعلم جيدا الحركة التجارية للتجار الاتراك الذين يستوردون من مخازن اوروبا اجهزة الاتصال والنواضير الليلية والمعدات الخاصة بحرب العصابات , والتي تباع للدواعش في العراق في تجارة بمئات ملايين الدولارات .


========
خلاصة
=====
ليس باستنتاج عبقري , اذا ماقلنا اننا نقتل صيني فياتي عشرة غيره , وكذا السعودي والبريطاني وغيرهم , والحل في خنق الامواج البشرية التي تمد داعش بالدماء , عبر ارادة وطنية وحركة دبلوماسية لاتهادن , والله الموفق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك