المقالات

الذئاب التي تحرسنا اكلت كل شيء

1023 2014-12-04


ضياء الغبش المستفيق على نفسه توا، يشق خرير الفجر.. قطرة قطرة، تضاعف رغبتي في العودة الى وثارة مخدعها، وهي تغفو حالمة بفرسان الحكايات، يخطرون فوق سروج الخيل.. بيضا، ويتوارون مخلفين انفاسهم، تطيب طيات النوم.
نهضت من السرير، على انغام صوتي الطروب، متجهة نحو حوض الحليب، المرصوف بقاشان ماسي ازرق، يلمع، مثل مرايا زاهية تعكس نبضات قلبها الذهبي، المترع بالحنين.
ملأت الحوض بالحليب...
كم يحتاج خيالي من مساحات، لرعي الابقار التي احتلبها المزارعون، حتى إمتلأ الحوض.
انسابت بين مويجاته، طافية، تسطع بذراعين فاتنتين، فوق البياض، وانا اغني.. اصداء صوتي الصادحة، ترجرج البحر والليالي.
والحرب، عند اعتاب الذاكرة، تصهل.
لقيا من زمن غابر، شجت عين المنقبين الآثاريين، الذين اكتشفوها، واطرشتهم، واخرست ألسنتهم.. صدعهم الزيتون.. لم يمهلهم حتى يفهموا شرطة الصحراء، سر الزيتون الذي تفجر في جوفهم، حالما اخرجوا جثة المحارب، من تحت طبقات الصحراء.
فوجئوا بغصينات زيتون، تورق من احداقهم، وصمم يشبه نسغا اخضر، صاعدا في قرمة جذع زيتونة ميتة، سال في آذانهم، واستشرى طعمه المر يشقق تفطرات السنتهم.
ثم تاهوا في الصحراء، يعمهون... الى ان وجدهم رجال الشرطة الصحراوية، وماتوا بين ايديهم، قبل وصول سيارة الاسعاف، التي تباطأت بالقدوم، من مركز المدينة، الى رحاب الآخرة.
- هل انت ثملة؟
- مفطورة عن خمس طبقات من الدلال.
- لا تخذل نشوتها.
قال مدير اعمالها، بينما هي تواصل العوم في الحليب، تشرب وتسبح وتستزيدني طربا.
- انعتقت روحك من أسر الجسد المغلول الى جماله.
- سبعة امزجة طباق.
الحف مدير اعمالها:
- لاتخذل نشوتها، انك ان فعلت، ما ادري شيصير! واصل الغناء، واصل.. مزيدا من الطرب.
يلها اشلاهيك عني يالها
فوك متنة والنخيلة يا لها
يلها اتعود الليالي يا لها
فوك ضمر والضوايا مركدات
ظل يحثني على الغناء، يحث ويحث، حتى بان بياض ابطيه، وغمزني بشيء من شاطئ الحليب.
دب في اوصالي رفيف النشوة.. نشوة مشعشعة طرت لها.. طرت حتى تخوم البحر والليالي، تائها في الظنون، من عليائي، بين فضاءات الكون خارج المجرة.
والحرب عند اعتاب الذاكرة تصهل!
تصدعت حواس اعضاء البعثة الآثارية؛ فلاذوا بالموت متزيتنين، قبل وصول سيارة الاسعاف، التي طاش بها البطء، حد التقهقر للوراء.
رمقتني بنظرة من طرف عينها.. نظرة خضراء، مترعة ببياض الحليب، وهو يصطفق بلذاذة..
.. مويجات عذبة..
.. احاطت رقرقة الحليب بجسدها الغض تروي تكوراته..
.. لظى..
..اتلظى.. لهيب معجزة في مرمدة جسدي المستعر، تفك مغاليق السر؛ فلم اتمالك مشاعري، طرت محلقا في الاثير، تحليقا هادئا مستكينا مرهفا.. وئيد التاجج.
تواريت في الفضاء، وما زال بريق عينيها يومض في ذاكرتي، مثل قنديل متوهج في قلب الظلام.
حينها، كان الوقت ثابتا.. لا يتقدم، واحساسي به يتضاعف، متراكما على نفسه.
ابتلعتني اقاصي ذاكرة الكون، اغني، محدقا بالحرب المحتدمة تحتي، على الارض، تمحق المشهد.. تدمر كل ما يطول صدى القذائف.
وانا في عليائي.. ارنو لليل يتصدع.. تتصدع اركانه وينهار؛ جراء شدة العصف، كأن ماكنة حرى، عطست، او مذنبا مهولا، لف ذيله حول حزام الارض، وادارها بجنون، كالمغزل، تطوي معها الماء والهواء والنوايا والهمم...
انا مطرب السيدة، التي تنعم بالديباج والحلي والحليب، لا اعنى بقعر الكون، اذا ما انبعج.. لا احفل بنازلة في قرية نمل، تدك جحورها، لا يقلقني الموت المضطرم.. يجتث الحياة ويفصد عروقها ويتركها ترعف في الظلام.. في ثقوب الكون اللانهائية المعتمة.
ضحك غامر، اغترف من فيضه و... عيناي مغرورقتان.
انجبته امه غرابا اسحم، ضحك الجميع لولادته، وتطيّر ابواه تشاؤما، وتشمت الكارهون...
اكفهر وجه ابيه، سبع ليال، وربطت امه نفسها الى شجرة آدم، عند ملتقى النهرين.. تبكي، لافة غرابها الوليد بالقمائط، كالاطفال.
عمل محاربا جسورا، ذا سيف عنيد، اصابته شظية، بترت نصف ساقه، فنهره الضابط:
- هذا تنصل من المسؤولية، تحاسب عليه.
فتوقف عن التأوهات، متضرعا:
- ربنا ازرعنا في الانقاض، ريثما نستريح؛ فنعود من هزيمتنا، مع المنتصرين.
كان على شفى نجمة من مغيب القمر، يوم امطروه بالزيتون المخصب، فادركته آية الظلام، ليستبدل جمجمة الخطر والعظمتين المتقاطعتين، بفم رامض مفغور، وصمونتين متقاطعتين، عائدا الى مسبح الحليب.
كف عن كل ما يوهن قواه، التي وجد نفسه بامس الحاجة اليها، يوم عاد من البحر الى آخر الجبال، رابطا (لامته) الى عنقه، برباط البسطال.
مشيا على الاقدام، من الكويت الى بغداد، والبسطال المتدلي من العنق وسام انتصارنا على الاشقاء.. اذا رميت يصيبني سهمي.
لا شأن لنا بسياسة غابرة، فلأحصر غرائزي بمسبح الحليب...
عروه.. يربطونه الى جذع زيتونة في الساحة العامة، تساقطت اوراقها تزينته، فصاح ولم تطعه حنجرته:

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك