المقالات

مَنْ كَسَّرَ صَخْرَ الجُرفِ؟!

2067 2014-10-30

قاسم العجرش

كنت في الجرف قبل يومين، ذاك الجرف الذي تكسر صخره، فبات جرف نصر، وهناك رافقني بيتين من الشعر، الأول لعنترة بن شداد، ذاك الفارس العبسي الذي أنكره أبوه، وهو من قصيدته المشهورة التي مطلعها: دهتْني صروفُ الدّهر وانْتَشب الغَدْرُ، فيقول فيها البيت الذي مضى مثلا منذ قرابة ألفي عام: سيذْكُرني قَومي إذا الخيْلُ أقْبلت وفي الليلةِ الظلماءِ يفتقدُ البدر.

البيت الثاني الذي قرع رأسي في الجرف، قائله الشاعر الفارس الشيعي أبو فراس الحمداني، ضمن قصيدته التي مطلعها: أراكَ عـصـيَّ الـدَّمْـعِ شيـمَـتُـكَ الـصَّـبْـرُ، فيقول فيها: سيذكرني قومي إذا جد جدهم  وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر..

بين عنترة وأبي فراس الحمداني زمن طويل، لكنهما تحدثا عن إفتقاد البدر في الليلة الظلماء!

هي الليلة الظلماء إذن ما جمع الزمنين، وما يجمعهما بزمننا هذا، زمننا الذي وصف ظلما بأنه زمن أغبر، فيما هو بالحقيقة زمن التحولات الكبرى، ولا يمكن أن يكون زمنا أغبرا، وكيف يكون أغبرا، ونحن نشهد هذه الإستجابة الرائعة، وتدافع الرجال منكبا على منكب، ملبين دعوة المرجعية القائدة للجهاد، فتزاحموا نحو الموت، لا يبالون إن وقع عليهم أم وقعوا عليه..

زمننا زمن الجرف، حيث كان البدر، وحيث تصقل فيه معادن الرجال، ففي الجرف رأيت عشاق الشهادة، من قدماء المجاهدين وأبنائهم، يزاحمون السكك ليحفظوا مجدهم ،الذي حاولت شرذمة من عشاق المال والكراسي، تشويهه وطمس معالمه الزاخرة بالثراء، وشتان ما بين عشقين، عشق الشهادة وعشق المال الكرسي، ذاك يقود الى العلا، حيث رضا الرحمن في عليين، وهذا يقود الى الحضيض، حيث مزابل التاريخ، تتلقف كل عتل زنيم..

زمن الجرف زمن الرجال؛ الذين لا يبحثون عن ثمن لتضحياتهم دفاعا عن مقدساتنا، ولا مقابلا عن كرامتنا، التي باعها بثمن بخس، أصحاب الأوسمة والأنواط ،والنياشين العسكرية والنجوم اللامعة، وهم لا يريدون ثمنا، لأن آباءهم  لم يطلبوا مقابلا على تضحياتهم، يوم قارعوا جبروت الطغيان الصدامي، ومرغوا كبريائه بوحل الجبايش وهور صلين، وغدران جزيرة الرفاعي، وسهوب شرق ميسان..

زمن الجرف زمن صناع التاريخ، وليس زمن سراقه، والمجاهدين يقفون اليوم على تخوم تكريت، وخلفهم قبة سامراء الذهبية، يغلفونها بشغافات قلوبهم، ومصول دمائهم.

في هذا الزمن البهي، دخل المجاهدين مغارات القاعدة، في جبال حمرين وهضابها، و هم الساعة يتجولون بحرية وثقة بالنفس، في مناطق مثلث الموت وعامرية الفلوجة واللطيفية، تلك المناطق التي لم يدخلها الجيش العراقي منذ سنوات طويلة، فتحولت الى عش دبابير، تلسع منها بغداد كل يوم، بأكثر من خمسة عشر مفخخة.

زمننا زمن يمحى به عار هزيمة الفاسدين المتخاذلين، الذين كان عديدهم أكثر من نصف مليون مقاتل، تركوا نصف العراق لقمة سائغة بيد بضعة آلاف من الدواعش.

كلام قبل السلام: الماحون هم كتاب حزب الله، وتشكيلات منظمة بدر، وعصائب أهل الحق، وسرايا عاشوراء، وسرايا السلام، ولواء أبو الفضل العباس، وسرايا العقيدة، وأفواج الجهاد والبناء، ومعذرة ممن لم يتسع المقال لذكرهم.

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك