المقالات

أعداء الديمقراطية

1404 2014-08-08

هيؤا النفوس.. أعيدوا تأهيلها.. كي تورق الديمقراطية.. وتقطفوا ثمارها.. فللأشواك صحراؤها.. وللكروم بساتينها.. وللرياحين.. رياضها إعتاد الناس، عبر مراحل التاريخ، ومنذ فجر النبوءات على التصدي والوقوف بوجه كل ما من شأنه تغيير ما تطبّعوا به، وأعتادوا عليه، وما رسخ في أذهانهم ومارسوه كسلوك يومي.
وسواء كانت تلك الممارسات خاطئة وباطلة بشكل سافر او بليدة متخلفة مبطنة او متسترة من قبيل العبادات الوثنية او الخرافات الإعتقادية، فهم يتمسكون بها كالأقداس التي لا تقبل النقاش ولا تخضع لمقاييس. من هنا ثارت ثائرتهم بوجه الأنبياء والمصلحين. سخروا منهم حاربوهم، رموهم بالجنون وبالسحر، ثم صلبوا بعضهم، وذبحوا آخرين، وسممّوا وشردوا من تبقى.
وبإستثناء قلة مستضعفة آمنت ودفعت ثمن أيمانها، فقد أصرت الكثرة، ممن تجذّر فيهم الجهل او أخذتهم العزة بالإثم، او ممن خافوا على مراكزهم ومناصبهم، على الإستمرار في غيهم وطغيانهم.
وبمرور الأزمان، وإزدهار الحضارات ظل حال الناس كما هو عليه: يتصدون للأفكار الجديدة ويحاربون النظريات المتطورة ويكّفرون واصفيها، حتى اذا أخذت موقعها، وفرضت وجودها وترجمت أقوالها مخترعات ومنافع أقبلوا عليها نادمين وترحّموا على رّوادها "الكافرين" وربما أقاموا لهم التأبين والتماثيل.
والناس هم الناس، في كل زمان وأوان.
والمجتمع العربي عامة، والعراقي خاصة، تعاقبت عليه السلطات الشمولية، وتعرض لأعتى الممارسات القمعية والإضطهاد تحت سياطها الشوفينية، والعنصرية، والطائفية قرابة اربعة عشر قرناً ,وحتى لا نذهب بعيداً، فلنبدأ من ظهور فجر الإسلام وقيام الدولة العربية الإسلامية، فبعد الخلافة الراشدة التي عاشت ثلاثين عاماً فقط، بدأت الخلافة الوراثية على أيدي الأمويين واستمرت طيلة ثمانين عاماً.
أعقبتها الخلافة العباسية على نفس النهج قرابة ثمانمائة عاماً.. وتخللتها الهجمة المغولية الهمجية والأدوار المظلمة حتى تربعت الدولة العثمانية عدة قرون، تلتها سلطات الإحتلال البريطاني وتأسيس الملكيات الوراثية الحديثة، ثم سلطات الإنقلابات ورؤساء مدى الحياة.
رئيس واحد، وحزب واحد، لأمة واحدة.. قومية واحدة.. وجريدة وإذاعة.. و.. واحدة!.
اما الصلاحيات: فواسعة، مفتوحة، ومتعددة.
(ومن أحصاها دخل الجنة) حسب رأي "القائد الضرورة" حين قال:
(العراقيين، مايطبون النار، العراقيين كلهم يفوتون للجنة)!.
وأظنه صادقاً في هذه المرة فصبرهم على مصائبهم، وهو أكبرها، سيدخلهم الفردوس والنعيم ان شاء الله.
وعودٌ على بدء فإن وضعاً بهذا الحجم، وكارثة بهذا الإمتداد والعمق، حالة لها هذا التجذر والعمر ليس من اليسير إجتثاثها بفترة قصيرة، وآليات بسيطة، وإحلال أساليب حديثة في الحكم وممارسات ديمقراطية محلها، والناس أعداء ما جهلوا!.
ولذا أكدنا، ونؤكد، يشاطرنا كل العراقيين الشرفاء الرأي، على ضرورة أن يهب المفكرون والمثقفون، قادة المجتمع وعلماؤه، وكل من موقعه، لتنوير وتوعية الرأي العام وإعداده للحالة الجديدة، وأن يعوا دورهم في هذه المرحلة المفصلية الخطرة من تاريخ عراقنا الحديث وأن يحلّوا محل الصلحاء والأولياء الذين ذبحوا من اجل آرائهم الجريئة.
فإن ما نراه من ردود افعال البسطاء من الناس، وإستغرابهم من وجود هذا العدد الكبير - في نظرهم - من الأحزاب والحركات والصحف، وترددهم وحيرتهم بتقبل العملية الإنتخابية لهو دليل واضح على إعتيادهم على وجود حاكم مطلق، بسبب ما رسخته الأنظمة الجائرة في الأذهان وبأساليبها المرعبة وطيلة هذه العهود! لذا نحن بحاجة ماسة الى إعادة تأهيل، وتهيئة الساحة، ونحن بحاجة لجهود مضنية، وعمل مكثف، بتسخير كل الطاقات لغسل أدران الماضي ورواسبه، وإحلال وبناء قواعد الحكم الديمقراطي، وإشاعة مباديء الأخاء والتقريب والتسامح وقبول الآخر ،ونبذ الكراهية، وبث روح التفاني ونكران الذات إنطلاقاً من مبادئنا السمحاء، وعقائدنا الموحدة وعراقيتنا الأصيلة.
وهذا لا يتأتى الا بالعمل الدؤوب وكل من موقعه، ونحن نعتقد جازمين إن الله تعالى لن يسامح أو يعذر من حاول ويحاول تخريب او إعاقة سير هذه العملية الوطنية والتجربة الرائدة، بل حتى الذي وقف متفرجاً كائناً من كان مركزه ووضعه، ومهما كان عذره او تبريره. وإن لعنات التاريخ الإنساني، والعراقي خاصة ستلاحقهم جميعاً ما دامت الأرض تدور، ومادام للإنسانية ضمير وما خلد لله وجود، لأنهم لم يجرموا بحق أنفسهم او جيلهم فحسب، بل أُجرموا وأساءوا وفرطوا بحق أجيال لاتزال في أصلاب الرجال، وأرحام الأمهات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك