المقالات

وصفة دواء لميت!..

1632 2014-07-13

قاسم العجرش

     التقيت قبل سنوات عدة هنا في بغداد، بصحفي روسي مستقل، يعمل في وسائل إعلام روسية وغربية عدة، تناولنا في لقائنا مواضيع شتى، معظمها يتعلق بالشأن السياسي العراقي، وحاولت تقصي وجهة نظره فيما سيكون عليه مستقبل العراق.

    الرجل كان ثاقب النظرة والتفكير حينما قال، لقد وجدتم أنفسكم؛ في إستحقاق أن تنتقلوا من الحكم الشمولي الى الحكم الديمقراطي، وهو إنتقال عادة ومثلما حصل لغيركم كان بوسائل قسرية، إذ لم يذكر لنا التاريخ حادثة واحدة، إنتقل فيها شعب من الحكم الدكتاتوري الإستبدادي، الى حكم ديمقراطي بوسائل سلمية أو ديمقراطية، وحتى في الدول ذات الديمقراطيات العريقة، فإن الحكام "الديمقراطيين"، يغادرون كراسيهم بوسائل لا تمت للديمقراطية بصلة، فالفضائح والتسقيط السياسي والتشهير، ونبش السيرة الشخصية والملفات السرية، وحدها هي التي تجبرهم على مغادرة السلطة، وفي أحيان كثيرة تسقطهم الفضائح الجنسية!.

    كنت أحاول استيعاب ما قاله، لكنه أضاف: وأنتم تنتقلون الى الديمقراطية؛ ستحتاجون الى زمن أطول من غيركم، لإتمام عملية الإنتقال، وستواجهون مصاعب كثيرة، لأن عقلكم ليس عقلا ديمقراطيا، وأنتم في حاجة الى ثقافة ديمقراطية، وليس فقط الى تعلم آليات الديمقراطية، ومثلما تقدم الشعوب تضحيات جسيمة، للإنتقال من الحكم الدكتاتوري الى حكم ديمقراطي، ستقدمون تضحيات أكثر لتصبحوا ديمقراطيين حقيقيين، ويتعيّن عليكم أن تتخلّصوا من القسم الأعظم من أمراضكم، وفي مقدمتها مرض الأنا.

    قدم فيدرو كما يحب أن يُسمى، مصداقاً لرؤيته ودليلاً واقعياً، لمسه بيده على أن معظمنا مصاب بهذا المرض الوبيل، فقل: "شوف" التقيت بعدد كبير من الساسة العراقيين، أسأل هذا عن رأي في قضية، وأستوضح من ذاك عن خططه المستقبلية، فوجدت أنهم غالباً ما يتحدثون عن أنفسهم أكثر، مما يتحدثون عن موضوع البحث! وكانت إجاباتهم جميعا تبدأ بـ (أنا أرى) (أنا أعتقد) (أنا أؤكد) (أنا قررت) (أنا أقول)..الخ..

  حاول فيدرو أن يختصر فكرته، عن كيفية إحداث تغيير، في بلد تسود فيه ثقافة (الأنا) لدى الحكام فقال: إن الفرق في عملية التغيير في بلد بثقافة ديمقراطية، وبلد تسوده ثقافة (الأنا)، هو الفرق نفسه، بين مقعد الحمام العربي ومقعد الحمام الغربي، فالمقعد الغربي يمكن نزعه بفك مسمارين فقط، أما المقعد العربي فلا يمكن فكه إلا بتكسير الحمام كله !.

كلام قبل السلام: النصيحة بعد وقوع الواقعة، كإعطاء الدواء لميت !.

سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك