المقالات

عندما يبكي القضاء

1589 2014-04-12

حيدر فوزي الشكرجي

القضاء هو العمود الفقري لأي دولة، فأن صلح صلحت الدولة وأن فسد فسدت الدولة، كان للقضاء الدور الأكبر في نهضة الدولة الإسلامية وانتشارها فأشتهر القضاة المسلمين بعلمهم وعدالتهم ووقوفهم مع الحق، ولعل أشهر قضية في تاريخ الدولة الإسلامية عندما قاضى يهودي الإمام علي (عليه السلام) على درعه، ولم يرض الإمام أن يناديه القاضي بأمير المؤمنين حتى لا يرعب الرجل، وحكم القاضي شريح بالدرع لليهودي لعدم وجود شهود مع الإمام (عليه السلام)، وسط دهشة اليهودي الذي أرجع الدرع ونطق الشهادتين.
ولم يبدأ التراجع والضعف يدب في الدولة الإسلامية إلا عندما بدأ حكامها بتسيس القضاء لمصالحهم الشخصية، فعندما يبدأ القاضي بترك القانون والحكم بما يهواه الحاكم، يسود الظلم وينتشر الفساد، ويبدأ مواطنو البلد كسر القوانين عندما تسنح لهم الفرصة، وذلك كرد لا شعوري على الظلم الواقع عليهم.
الكل يتذكر كيف أصبح القضاة في العهد البائد لهدام اللعين، دمى يحركهم كيفما يشاء، فسادت المحاكم الصورية حتى أصبحت مخالفة فكر الطاغية تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام ،وكثرت الأحكام ألا إنسانية و الظالمة حتى وصلت إلى بتر الإطراف لمن يهرب من جحيم معارك الطاغية، وضج الناس مما أصابهم من ترادف المظالم، إلى إن استبشروا بالفرج بعد سقوط الطاغية .
اليوم وبعد عقد من سقوط هدام، ما زالت قلوبنا دامية، ونحن نرى الدولة التي أسست على دماء وتضحيات آلاف العراقيين، تنجرف من جديد نحو الدكتاتورية، وتقرب أزلام الطاغية وتقصي النزيهين من القضاة، فكانت البداية مع القاضي رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة السابق الذي أقصي من منصبه وصدرت بحقه عدة مذكرات اعتقال بتهم مجحفة لا أساس لها من الصحة.
ومن ثم القاضي عبد الأمير الشمري المشرف على محاكم المحافظات الجنوبية، وهو من أصدر أمر إلقاء القبض بحق عبد الفلاح السوداني، ورفض خروجه بكفالة، وحارب الفساد بشجاعة، ليقصى من منصبه أيضا ويصدر أمر بنقله، فيقدم استقالته علنا على الهواء، ويطلب اللجوء إلى أي دولة، بعد أن تخلت عنه دولته وسلمته للإرهابيين والمفسدين.
أما الفاجعة الكبرى فكانت للقاضي منير حداد، الشخص الشريف الشجاع الذي تصدى لمحاكمة الطاغية رغم التهديدات التي طالته مع عائلته، ووقع على إعدام صدام حسين، فكانت مكافئته إصدار مذكرة إلقاء قبض عليه، ومحاربته في رزقه، ومنعه من السفر، ليكون لقمة سائغة بيد أعدائه من البعثيين، حتى قال في مقال الأخير: " الطاغية المقبور صدام حسين، هو الذي أعدمني، وتوهمت اعدامه"!
هل أصبحنا عديمي الوفاء هكذا، حتى نكرم مجرمينا، ونعاقب قضاتنا؟ نعم نحن بسكوتنا مشتركين مع من حراب هؤلاء الشرفاء، وليس هنالك معنى لمحاربتهم سوى الرغبة في الرجوع إلى الوراء، وتأسيس دكتاتورية جديدة تخلف دكتاتورية هدام،كلا وحق دماء الشهداء، بعد أيام قلائل ستدوي صرخة الشرفاء (نعم نعم للتغير كلا للفساد).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك