المقالات

المد الثوري الإسلامي في العالم العربي دراسة في الأسباب

2634 19:17:00 2006-04-22

( بقلم : رئيس الجامعة الاسلامية د.علي عظم محمد )

مثل العقد الأخير من القرن العشرين مرحلة انهيار النظام العالمي القائم على القطبية الثنائية, ذلك العالم الذي شهد ما يعرف بالحرب الباردة طوال أكثر من أربعين عاماً, كان الوطن العربي مركزاً لهذه الحرب بين قطبي الصراع الدولي" الولايات المتحدة, والاتحاد السوفيتي" حيث كانت الولايات المتحدة تدعم الحكومات البيروقراطية الاستبدادية والقومية الدكتاتورية, وتقف بالضد من كل القوى الإسلامية التي تعادي إسرائيل وتدعو إلى إسقاط النظم المستبدة والدكتاتورية ومتهمة إياها بأنها تجاري الاتحاد السوفيتي وتريد تدمير المصالح الأمريكية, وفي الوقت ذاته كان الاتحاد السوفيتي يدعم الأنظمة العسكرية التي وصلت عن طريق الانقلابات في العالم العربي باعتبارها أنظمة تقدمية, وهكذا أصبح النظام السياسي العربي القائم في النصف الثاني من القرن العشرين كونه جزءاً من حالة الصراع الدولي.

وفي بداية تسعينات القرن العشرين بدأ بانهيار النظام العالمي الجديد حيث بدأ انهيار العالم الشيوعي بزعامة الاتحاد السوفيتي وقيام نظام عالمي يعتمد على القطب الواحد واستخدام سياسة العصا الغليظة لكل من يحاول الخروج على السياسة الأمريكية أما عن طريق الحصار الاقتصادي أو استخدام القوة العسكرية بغطاء دولي أو بدون غطاء. ثم انفردت الولايات المتحدة بتسوية النزاع العربي- الإسرائيلي- تلك التسوية التي لم تتم حتى الآن- لإثبات حسن نية الولايات المتحدة تجاه العرب, ونتج عن هذه السياسة ما يعرف باتفاقيات اوسلو التي أدت إلى انهيار الوحدة الفلسطينية وكبلت بعض عناصر المقاومة الفلسطينية في اتفاقات دولية لصالح إسرائيل.وفي الواقع العملي تبنت الولايات المتحدة الأمريكية سياسة ضرب العرب والمسلمين بشكل عام, فشنت الحملات الإعلامية والعسكرية ضد ليبيا والسودان والعراق وسوريا وكلها كانت تدور ضمن منظومة الدول العربية التي ترتبط في علاقات خاصة مع الاتحاد السوفيتي السابق, كما شنت حرب إعلامية على إيران وأفغانستان زمن حكم طالبان, على الرغم من إن حركة طالبان كانت تتبناها الحكومات الأمريكية المتعاقبة منذ الغزو السوفيتي لأفغانستان عام 1979, وتحصل على دعم مالي وبشري من الدول العربية الإسلامية المتحالفة مع الولايات المتحدة مثل السعودية والإمارات وباكستان وغيرها غير إن العد العكسي لأيام العسل بدأت تتناقص بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وأصبحت طالبان الصديق العتيد عدواً.

وفي بداية القرن الحادي والعشرين وبعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 اتخذت السياسة الأمريكية اتجاهين الأول: محاربة الأحزاب والحركات الإسلامية على حد وصفها مثل حركة طالبان وحزب الله في لبنان على الرغم من انه يحارب من اجل تحرير ارض لبنان من الاحتلال العسكري الإسرائيلي ومن يحارب إسرائيل يحارب الولايات المتحدة, وأصبح" الإرهاب" ذريعتها لكل من تريد ضربه أي كل من يخالف السياسة الأمريكية وما ينطبق على حزب الله ينطبق على إيران وسوريا والسودان وليبيا والعراق باعتبارها راعية الإرهاب, ورغم اعتقادنا إن هذه الطروحات فيها شيء من الصحة فيما يخص سوريا والعراق, إلا إن تعميمها لمن يخالف السياسة الأمريكية أمر مرفوض. والاتجاه الثاني في السياسة الأمريكية هو دعم الحركات المناوئة لأنظمة هذه الدول ومنها الحركات الإسلامية كما هو الحال في العراق, حيث يعتقد الساسة الأمريكيون بان الدولة العراقية في طريقها إلى الزوال, وبدأت الحركات الإسلامية تنشط داخل العراق لإسقاط النظام سواء على الساحة السياسية الداخلية والخارجية, أو عن طريق إيجاد تنظيمات مسلحة مدعومة خارجياً للقضاء على نظام صدام حسين. فلجأت إلى الضربة الاستباقية, وقامت باحتلال العراق ووضع الحركات الإسلامية أمام الأمر الواقع وعدم السماح لأية قوة أن تسيطر على العراق ذو الاحتياط النفطي الاستراتيجي بالنسبة للعالم, وتتملص إلى القول بان ذلك ضمن سياسة الاحتواء الأمريكي للحركات الإسلامية. كما استخدمت الولايات المتحدة السلاح الاقتصادي لاحتواء الحركات الإسلامية في فلسطين التي تأخذ على عاتقها مقاومة الاحتلال الإسرائيلي من اجل أن تروض حكومة حماس الإسلامية وبالتالي التعامل مع وجود إسرائيل وسياستها القائمة على الاحتلال كأمر واقع. غير إن الذي لا يريد أن يفهمه الأمريكيون إن هذه السياسة عامل قوة تناغم مشاعر الجماهير التي أصابها اليأس والقنوط من طروحات العلمانيين والقوميين والعسكريين الذين وصلوا إلى سلم السلطة.

الدكتور علي عظم محمد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك