المقالات

(اللهُ أكبرربي ... ونريد قائد ُصبي)

3383 18:41:00 2006-04-18

وبكلمة أخرى اننا بحاجة الى رجل دولة (قوي وأمين) حقا ً يخرج البلد بحنكته السياسية من عنق الزجاجة ولسنا بحاجة الى (واعظ او خطيب) يدفع ثمن مواعظه يومياً المواطن البسيط دموع وجوع ودمار وخراب وحسرات وزفرات وضحايا بالعشرات وصبرٌ ملَّ حتى الصبر منه هذا ثانيا. ( بقلم : محمد حسن الموسوي )

(الصبي) هو الصابئي واصلها من (صبأ) وهي كلمة آرامية تعني اغتسل او غطس. والصابئي هو كل من ينتسب الى الديانة الصابئية المندائية وهي واحدة من الديانات السماوية الراسخة في القدم والتي نشأت في جنوب العراق على أغلب الظن ويعتبر أتباع هذه الديانة من اهل الكتاب على رأي الفقه الشيعي ويدعي كتابهم المقدس بـ ( كنزا ربا) والذي يعني باللغة الآرامية التي يستخدمها المندائيون بـ(الكنز المقدس). ويرى البعض ان الصابئية تعود في قسم من تعاليمها الى نبي الله يحيى بن زكريا عليهما السلام الذي جاء ذكره بالقرآن بقوله تعالى ( يا يحيى خذ الكتاب بقوة وأتيناه الحكم صبيا) وكان يحيى عليه السلام (سيدا ً وحصورا) والحصور الذي لا يأتي النساء, وفي قسم منها يعود الى نبي الله أدريس عليه السلام والذي قال فيه القرآن ( وأذكر في الكتاب إدريس انه كان صديقا نبياً ورفعناه مكانا ً عليا ).

والمندائيون جمع مندائي وتعني الموحد او العارف بالله ومن هذا نستنتج ان الديانة الصابئية المندائية ديانة توحيدية وعلى ذلك يكون حكمهم حكم بقية اهل الكتاب من يهود ومسيحيين اي دمائهم واموالهم محترمة كحرمة مال ودم المسلم وكذلك يجوز التزاوج معهم وتناول اكلهم وشربهم والعيش معهم هذا من وجهة نظر اكثر فقهاء المسلمين الشيعة المعاصرين اما وجهة النظر السنية فتختلف عن الشيعية اختلافا كبيرا يمكن الاطلاع عليها في كتب السنة الفقهية . وربما هذا هو السبب الذي جعل الصابئة كأقلية دينية يفضلون العيش بين ظهراني الشيعة وفي مناطقهم وبخاصة تلك التي يكثر فيها الماء الذي يعتبر المحور الذي تتحرك حوله الديانة المندائية الصابئية اذ يعتبر شيئا مقدسا بالنسبة الى اتباع هذه الديانة .

والان ما المراد من ( الله اكبر ربي ونريد قائد ُصبي) ولماذا ( ُصبي) بالذات ؟

الجواب هو ان الديانة الصابئية المندائية من الديانات الروحية العرفانية والتي يميل أتباعها الى العرفان والترفع عن العالم الدنيوي والزهد بالدنيا وزينتها والتطهر الروحي والالتصاق بالعالم العلوي النوراني وليس بالكراسي كـ(لزكة جونسون) حيث يوجد شبيه كل انسان من النور وتوجد اشباه المخلوقات ولذلك لن تجد عند أتباع هذه الديانة الميل نحو ملذات الحياة الدنيا ولا الرغبة بالتمسك بأهداب هذه الدنيا الفانية والا الحرص على جمع المال والذهب حيث جاء في تعليمات ادريس عليه السلام ( أظل على عتبة بيت الحي( يعني الله) , ألهم التراب وأكل الاحجار ولا أعود الى دار الاشرار) وهذا النص يؤكد على شوق( الُصبي) للذهاب الى العالم العلوي النوراني ويفضل أكل التراب على ان يعود الى دار الاشرار والتي يعني بها الدنيا الزائفة.

ووفقا لتعاليم هذه الديانة فأن لكل انسان شبيه نوراني في السماء ينتظر قدومه اليه لكي يتحد به حيث يجد السادة المسؤولين والوزراء أشباههم وقد لبسوا الثياب البيض وأعتمروا العمامة النورانية بلا كراسي ولا مناصب ولا حراسات ولا وزارات ولا منطقة خضراء ولا هم يحزنون ولا حديث عن انتخاب الشعب لهم ولا أزمات سياسية نتيجة ترشيحات خاطئة ولا فساد مالي ولا رشاوي ولا ترهل اداري في مؤسسات الدولة ولا صنمية حزبية او أنانية شخصية ولا نرجسية سياسية وحيث لا يسمع العراقي دوي الانفجارات ولا يرى دماء الصرعى ولا يشاهد اطلالة المسؤول (اللزكة) وهويمارس هوايته المفضلة في (الزواع الفكري واللغوي) حيث الطلاسم والعبارات المشفرة التي تحتاج الى خبراء بفك الشفرات ومنجمين لكي يفهمها المواطن العادي والذي بدأ صبره ينفذ وأمله يتلاشى بمن أنتخبهم وهو يراقب الوضع عن كثب في الظلام الدامس وزاده في الظلام (شمعة) بدأت تذوب ويختفي (نورها) وعلى ذلك فوجود قائد يتحلى بروحية (الصُبي) سيخفف من أزمة الحكم الخانقة هذا اولا.

ولأن ( الصُبي) اتخذ على مر ِّ الدهور والعصور من ( الصياغة ) مهنة ومعروف ماتحتاجه هذه المهنة من (ذوق) و (فن ) و (صبر) و(حرفية) و(دقة متناهية) و(قوة بصر وبصيرة) فأننا والحال هذه بحاجة الى (قائد صُبي) لكي يُعيد صياغة العراق من جديد بذوق وفن وصبر اي اننا نحتاج الى سياسي حرفي بمعنى الكلمة لقيادة العراق ولسنا بحاجة الى (مُبشر) لايجيد سوى ( التكريز) اي الوعظ والارشاد وكل بضاعته (زواع فكري) سمج اذا ما التقى النساء اللواتي جئنَّ يحدثنه عن كثرة الامراض التي بدأت تفتك بأطفالهنَّ وعدم توفر الدواء اللازم راح يتحدث اليهَّن عن (جهاد المراة في الاسلام حسن التبعل) واذا ما ألتقى الشباب الذين بات أكثرهم (يكبسل) اي يتعاطى الحبوب المخدرة ردَّ على مطاليبهم بتوفير فرص العمل بـ (آمن بي الشباب وكفر َّ بي الشيوخ) وإذا ما جمعته الفرصة بالشيوخ الذين جاءوه يشكون فقدان الامن وتردي الخدمات الاساسية ردَّ عليهم بـ ( حكمة الشيخ أحب اليَّ من همة الشاب) وراح يسرد لهم قصة (شعب ابي طالب) وما تعرض اليه صحابة رسول الله وكأننا في رحلة حج حيث يمارس مهنته كـ (مرشد) للحجيج والذين ما ان ينتهي موسم الحج الا وأنطبق عليهم قول المعصوم ( ما أكثر الضجيج وما أقل الحجيج) لأن أكثرهم ذاهب أما رياءاً او تجارةً.

وبكلمة أخرى اننا بحاجة الى رجل دولة (قوي وأمين) حقا ً يخرج البلد بحنكته السياسية من عنق الزجاجة ولسنا بحاجة الى (واعظ او خطيب) يدفع ثمن مواعظه يومياً المواطن البسيط دموع وجوع ودمار وخراب وحسرات وزفرات وضحايا بالعشرات وصبرٌ ملَّ حتى الصبر منه هذا ثانيا.

ومن المفارقات العجيبة الغريبة في عالم السياسة العراقي ان أكثر الناس أدعاءا ً بالدين هم ابعدهم عن نهج ( الصُبي) في التعاطي مع الحياة الدنيا وان ابعد الناس كما يقول ظاهرهم عن الدين هم الاقرب الى الزهد بالمناصب والكراسي ولنا في علاوي والجلبي قدوة حسنة. ورغم الحقيقة القائلة ان الرجلين علمانيين الا انهما ضربا مثلا للمتدينين في الزهد بالكرسي من اجل الصالح العام.

فعلاوي الذي شكك بعض (المتدينين) بنزاهته أثبت انه أكثر نزاهة منهم حينما زهد بالكرسي وسيسجل التأريخ انه اول رئيس وزراء عراقي بعد التحرير ترك الحكم لغيره من دون بلبلة او معمعة ومن دون ادخال البلاد بفراغ سياسي بعد ان لعب دورا لا ينكر في بناء مؤسسات الدولة الناشئة وفي وضع الحجر الاساس لها وبعد ان أطفأ ثلثي ديون العراق واوجد الجيش والشرطة وهيئ الارضية للانتخابات ثم ترك الكرسي بهدوء وبسلام ولكنه ثبَّت موقفا وهو (انني اعمل بما ادعي وانني اقول وافعل) فجسد ايمانه بالتداولية على ارض الواقع ولم ( يلزك) بالكرسي ويستقتل من اجله تحت اي حجة او ذريعة وكان بأمكانه ان يفعلها لكنه فضل ان (يتصأب).

وأما الجلبي والذي كان له الفضل بعد الله وبوش في اسقاط الحكم الانكشاري الطائفي فقد امسى مثله كمثل امامه علي بن ابي طالب الذي قال عنه الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم (بني الاسلام بثلاث برسالتي ومال خديجة وسيف علي) ورغم حجم التضحيات التي قدمها في سبيل الاسلام ورغم أحقيته بالخلافة الا انه آلَّ به المأل ان يكون مأموما لا أماما وسكت عن حقه من اجل الحفاظ على مصلحة الامة بعدها شقشق ( الا والله لقد تقمصها مني فلان وانه ليعلم محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر مني السيل ولا يرقى اليَّ الطير) وهكذا الجلبي والذي لولا جهوده في اصدار قانون (تحرير العراق) ولولا جهوده في بناء التحالفات والائتلافات وجمع الفرقاء لما تحقق ما تحقق لأبناء المقابر الجماعية ورغم ذلك آلَّ به المآل ايضا ان يكون نائبا كما أضحى علي نائبا لخليفة عصره لمن هو ادنى منه منزلة ً واقل منه علماً وأفقر منه ثقافة ًبالحياة وأشح نضالاً ومعرفةً بأمور السياسية حتى قال فيه ( لولا علي لهلك عمر). وهكذا فضل الجلبي هو الآخر ان (يتصأب).

اننا بحاجة الى هكذا نماذج تحمل بين جنبيها زهد وتواضع وصبر ومهارة وحرفية (الصُبي) نماذج تقول وتفعل. نماذج تتحدث قليلا ً وتعمل كثيراً(Less Talk, More Action ) نماذج لسان حالها ( الا ان رئاسة وزراتكم هذه عندي اهون من عفطة عنز). فهل نلام بعد هذا اذا ما هتفنا ( الله أكبر ربي ونريد قائد صُبي) ؟ أجيبوني يرحمكم الله .

محمد حسن الموسوي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي
2006-04-22
اخي الموسوي انا احترم رايك كثيرا ولكن لااتفق معك في هذا الراي واستغرب على اسلوبك الجاف بحق حكومة الجعغري نريد منك ان تكون لسان حق والجعفري رجل يدافع على مضلومية الشيعة ونستغرب منك انت بلذات لانك رجل تدافع عن الشيعة وعن مضلومبةالشيعة صحيح ان هذا الظرف يجب ان يكون في هذا المنصب رجل صلب يواجة هذة المرحلة ولكن لا يوجد بديل انصرو العراق ينصركم اللة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك