تشير جميع الشواهد الميدانية، ان الهجوم الذي شنته جماعات تكفيرية ارهابية قبل ايام، بقيادة النسخة السورية لتنظيم القاعدة، التي غيرت اسمها من "جبهة النصرة" الى "هيئة تحرير الشام"، التي يتزعمها الارهابي التكفيري ابو محمد الجولاني، الى جانب مجاميع مسلحة ارهابية وتكفيرية اخرى، على ريفي ادلب وحلب، رغم انه حقق بعض الاختراق على الجبهات، الا انه تم تضخيمه بشكل لافت، لتحقيق اهدف لم يستطع الهجوم تحقيقه ميدانيا.
لا يختلف اثنان على ان توقيت الهجوم واسبابه واهدافه، مرتبطة بشكل كامل بما جرى في لبنان، وما يجري في غزة، وفي كل المنطقة، لاسيما بعد فشل التحالف الامريكي الاسرائيلي في تحقيق اي من اهداف عدوانهما في لبنان، الذي خرج من جنوبه "الجيش الذي لا يقهر"، مقهورا ذليلا منكسرا خائبا مهزوما، خاصة قوات النخبة فيه المعروفة بـ"الغولاني"، الذي تعرض لضربات فضحت الاسطورة الكاذبة التي كانت مرسومة حوله، حتى بات زعماء الكيان الاسرائيلي، سياسيون وعسكريون، يتحدثون عن ضرورة اتخاذ اجراءات وآليات لاعادة بناء جيش الاحتلال بعد الهزائم والنكسات التي تعرض لها على يد رجال نصرالله في لبنان، ورجال السنوار في غزة.
ولا يختلف اثنان ايضا على ان الجماعات التكفيرية الارهابية بقيادة فرقة "الجولاني"، النسخة التكفيرية من "الغولاني" الاسرائيلي، ما كان لها ان تتمرد على مشغليها الاتراك، لولا وجود واوامر مباشرة من مشغليهم ، فالاتراك اتفقوا مع روسيا وايران، عام 2018 في مفاوضات استانا على اتفاقية عرفت باتفاقية "خفض التصعيد" في مناطق ادلب وحلب، تنص على الحد من عمليات المجاميع التكفيرية التي تأتمر بإمرتهم، في مقابل وقف عمليات الجيش السوري ضد هذه المجاميع في ادلب، ومرّت ست سنوات على ذلك، الا اننا شهدنا اليوم وبعد فشل العدوان الاسرائيلي على لبنان، هجوما يشنه هؤلاء الارهابيون على حلب، شارك فيه الالاف من الاجانب، مستخدمين اسلحة متطورة ومنها طائرات مسيرة زودتهم بها تركيا وفرنسا، بالاضافة الى دعم جوي من جيش الاحتلال، حيث قامت طائرات مسيرة اسرائيلية بقصف تجمعات لحلفاء الجيش السوري في البوكمال على الحدود السورية العراقية.
الخبر الهام الذي تجاهلته وسائل الاعلام الامريكية والغربية والاسرائيلية والتركية وحتى العربية الممولة من الانظمة الداعمة للمجاميع التكفيرية، هو استمرار وصول التعزيزات العسكرية للجيش السوري، وهي تعزيزات، راى فيها المراقبون بانها كبيرة جدا وتتجاوز الحاجة إلى حماية مدينة حلب وإبعاد المسلحين عنها، الى احتمال ان يشن الجيش السوري هجوما واسعا لا ينحصر هدفه بطرد الارهابيين من ريفي حلب وإدلب فقط.
طرح المراقبون السياسيون، عددا من الاهداف التي تقف وراء هجوم المجاميع الارهابية والتكفيرية على حلب في هذا التوقيت بالذات، منها:
-بعد هزائم الكيان الاسرائيلي وعرابه الامريكي في لبنان وفلسطين واليمن والمنطقة، عادت امريكا الى استخدام ورقتها القديمة والمحروقة، ورقة الفتنة المذهبية، عبر تشغيل الجولاني وعصاباته التكفيرية، من اجل استنزاف محور المقاومة والجيش السوري، عسى ان تكون طوق نجاة للكيان الاسرائيلي، الذي غرق في وحل الهزائم، منذ ان عصف به طوفان الاقصى منذ 7 اكتوبر من العام الماضي.
-تعمل امريكا من خلال تنشيط الجماعات التكفيرية وعلى راسها جماعة "الجولاني"، على مقايضة سورية وقف الحرب إذا وافقت على تدويل الحدود مع لبنان لتضييق الخناق على المقاومة، لاسيما بعد ان تأكد للمحور الامريكي اهمية "سوريا الاسد" في محور المقاومة، وافشال مخططات امريكا لتسييد الكيان على دولها، وهي اهمية اكد عليها القائد الشهيد يحيى السنوار في خطاب القاه في يوم القدس العالمي عام 2023 ، عندما قال ما نصه:"ان الفضل في بناء المقاومة يعود لها ولدعم الجمهورية الإسلامية في ايران وإسناد سوريا الأسد وتطوير علاقتنا بحزب الله".
-منع محور المقاومة وخاصة حزب الله، من اخذ قسط من الوقت للتحضير لاي منازلة قادمة، عبر استنزافه، من خلال جماعة "الجولاني"، في الوقت الذي يتم منح "الغولاني" وجيش الاحتلال الوقت الكافي للاستراحة واعادة التأهيل والاستعداد لمنازلة اخرى،.
-تحاول تركيا الضغط على سوريا، عبر تنشيط الجماعات الارهابية، من اجل التطبيع معها، دون ان تلبي انقرة مطالب دمشق بانسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية، فسوريا باتت متيقنة ان تركيا تخطط للبقاء في المواقع المتواجدة فيها، لفترة طويلة من اجل تغيير ديمغرافيتها.
بات واضحا ان هجوم "الجولاني" جاء بمباركة تركية، ودعم عسكري أمريكي غربي "إسرائيلي"، فجميع هذا التحالف هدفه سلخ سوريا عن محور المقاومة للاستفراد بلبنان، واشغال العراق والضغط على ايران، في محاولة يائسة للتعويض عن هزيمته في المنازلة الكبرى التي عرّت اخلاقيا الغرب، وكشفت عن وجه امريكا الدموي، ووحشية "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط"!!، والجيش الاخلاقي"!!، وفضحت هشاشة وجبن لواء "غولاني" الذي داس رجال نصرالله على هامات قادته، فتفتقت عبقرية الامريكي الخائب، ومن ورائه الاسرائيلي المهزوم، واذيالهم في المنطقة، على فكرة بائسة تتمثل في تنشيط "الجولاني"، عسى ولعل، ينجح في اعادة الروح، للفتنة المذهبية "الشيعية السنية"، التي دفنتها المقاومة في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والعراق واليمن، والى الابد، ويضمد جراح نسخته الصهيونية "الغولاني".
https://telegram.me/buratha