التقارير

عّوضَ العراق الكويت عن الغزو ، مَنْ يعوّض الشعب عن الغزو الامريكي للعراق ؟


السفير الدكتور جواد الهنداوي ||


رئيس المركز العربي الاوربي للسياساتو تعزيز القدرات ، بروكسل ، ٢٠٢٣/٩/١٠ .


قراءة العنوان تُحّملُ عقل القارئ تساؤلات و استفهامات و افكار ، وتجّعله يتوقف ويُعيد قراءة العنوان و يتأمّل ويقول فعلاً ،تحمّلنا نحنُ العراقيون حصار ،دامَ لعقود ، و أستّمرَ حتى بعد تحرير الكويت ، وسُرِقتْ و نُهبتْ اموال و ثروات و آثار الوطن ، بفعل غزو النظام الديمقراطي الامريكي للعراق ، ثُّمَ كُبّلَ العراق بقرارات أممّية ظالمة و مُجحِفة ، و بتعويضات ،قد يكون نصفها ، سرقات ، للكويت و لغير الكويت ولكل مَنْ تقدّم بطلب تعويض ،مُدعياً الضرّر ، ولكن ماذا عن " غزو امريكا العراق " ؟ و ماذا عن الدول ، وفي مقدمة تلك الدول الكويت ، التي أعانت و ساهمت القوات الامريكية بغزو العراق ؟
ما الفرق بين غزو العراق للكويت و غزو امريكا للعراق ؟
الفرق هو ان نظام ديكتاتوري ، أستفزّهُ مَنْ اعانوه في ديكتاتوريته و حربه مع إيران ، و نعتوه حينها ، بحارس البوابة الشرقيّة ، و استدرجوه الامريكان نحو الفخ ( الكويت ) فسقط فيه ، وتحمّلَ الشعب و الوطن التبعات ، إما غزو امريكا للعراق ،حصلَ بعد اكثر من عشر سنوات بعد تحرير الكويت ، وبعد انَّ خضعَ العراق لكافة قرارات الاذعان الاممّية ، و أقترفه نظام ديمقراطي وعضو دائم في مجلس الامن و دولة عظمى !
ألزموا العراق بدفع تعويضات ، وبموجب قرارات أُمميّة ، و اطلقوا العنان لامريكا بشرعنة الغزو ليكون احتلال ، وكان مُنطلق الغزاة ارض الكويت ، و تبيّن لاحقاً ، و بأعتراف امريكا و بريطانيا ، كذب و افتراء المُبررات ( اسلحة دمار شامل ، ارهاب ) ، و نتجَ عن الغزو الامريكي للعراق ،اثار كارثيّة على البنى التحية ،وعلى الشعب العراقي ، وعلى المنطقة ، وكان تعويض الامريكان للعراق ، على مايبدوا ، مساهمة في سوء الخدمات وفي الفساد وانتهاك مستمّر للسيادة و املاءات و ادخال العراق والمنطقة في اتون الارهاب !
امريكا و الدول التي شاركت و ساعدت امريكا في الغزو ، كانوا على دراية و ادارك بأنَّ اهداف الغزو هي : تدمير العراق وليس تحرير العراق ، خدمة وهيمنة اسرائيل ، تجريد العراق من استقرار سياسي و حرمانه من تنمية و استثمار ، وجعله في دوامة ازمات مفتوحة و مستدامة ؛ ازمة مع كردستان مفتوحة ومستدامة ( كركوك ،نفط ، منافذ حدودية ،موازنة ، انفصال ) ،ازمة مع الكويت مفتوحة و مستدامة بسبب ترسيم غير قانوني وغير منصف للحدود . وها نحن الآن وبعد عشرين عاماً مضت على سقوط النظام و العراق في مسار ينشدُ استقرار و أمن وسيادة وتنميّة ويواجه تحديات داخليّة و خارجية .
اذا كان في اسقاط النظام مصلحة للشعب العراقي ، فأسقاطه وغزوا العراق حقّقَا للكويت ولاسرائيل ولغيرهم ،في الداخل وفي الخارج ، اكثر من مصلحة ،حيث قادا الى أضعاف مزمن للدولة ، و ساهما في تنمّر كُثرٌ من الخارج ومن الداخل على سيادة و مقومات العراق .
أَليس للعراق الحق بمطالبة تعويض عن الغزو ، غير الشرعي ،والمخالف للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة ، والذي ارتكبته امريكا وحلفائها ضّدْ العراق ؟ أليسَ من حق العراق مفاتحة الامم المتحدة و مجلس الامن ومطالبتهما بتعويض شهداء الجيش العراقي ،الذين غدرَ بهم الامريكان ومن معهم ، بعد ان وعدوهم بانسحاب آمن من الكويت ،وتعرضوا لمجزرة جماعية على طريق الموت ( طريق الكويت -البصرة ) ؟
أليس للعراق الحق بمساءلة الكويت على دوره الكبير في الغزو الامريكي على العراق ؟ هذه حقائق ، نكتبها للتاريخ ،
ونذكرها ،و الشعب العراقي ليس بغافل عنها ، ولكن يحدوه الامل في مستقبل قائم على مصالح مشتركة وتسامح وحسن نوايا من طرفيّن ،وليس من طرف واحد .
أليسَ من الغرابة أنْ يصمت العراق عن مطالبة أُممّية او دولية ،وديّة او قضائية ،بالتعويض عن الاضرار الجسيمة التي سببّها الغزو الامريكي للعراق ؟ ألمْ يكْ ممكنناً للعراق أن يذّكرْ الكويت ،وهو يواصل بدفع التعويضات لهم ، بدورهم الكبير في الغزو الامريكي للعراق ، ومن حق العراق المطالبة بالتعويض ايضاً للاضرار التي لحقت بممتلكاته و بشعبه جراء الغزو والاحتلال ؟
مِنْ حق الشعب العراقي إنصافه معنوياً و ماديا للغزو الذي تعرّضُ له ، ومن واجب مؤسسات الدولة الدستورية ،وخاصة مجلس النواب والمحكمة الاتحادية العليا ، المبادرة في التعامل قانونياً مع حقبة الغزو و الاحتلال ، والتفكير جدّياً للسعي بأصدار قانون يدين الغزو والدول التي ساهمت وساعدت على الغزو غير الشرعي وغير القانوني و المخالف لميثاق الامم المتحدة ،ويحمّلها مسوولية الاضرار التي لحقت بالعراق جرّاء الغزو و الاحتلال .
استصدار مثل هذا القانون يمّثل اعتباراً و احتراماً للعراق كدولة ، كتاريخ ،و يمثّلُ جواباً لتساؤلات الاجيال القادمة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك