التقارير

نتنياهو يّردُ على عملية القدس بهجوم بمسيّرات على مواقع في اصفهان .


السفير الدكتور جواد الهنداوي ||

 

 رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات وتعزيز القدرات /بروكسل

 

        توّعدَ رئيس وزراء الكيان المُحتل بالرّد السريع و الحاسم والقوي على عملية المقاوم الشهيد خيري العلقم ،في مستوطنة النبي يعقوب ، و المقامة على بلدة بيت حنينا شمال القدس بتاريخ ٢٠٢٣/١/٢٧ .

            ولم يكذبْ ،هذه المرّة ، نتنياهو ، ولكن كان رّدهِ في اصفهان وليس في الضفة او في غزّة ،حيث ارسلَ المُسيّرات بتاريخ ٢٠٢٣/١/٢٨ ،لقصف بعض المواقع العسكرية في مدينة اصفهان ،اي يوم واحد ،بعد تلقيه والكيان صفعة المقاوم خيري علقم ، والذي جسّدَ بحق مفاهيم مُبتكرة وجديدة في المقاومة ؛ منها ان كل مواطن فلسطيني هو مشروع مقاومة ،منها ايضاً اليافطة التي تنتشرُ على جدران الازقة والشوارع والبيوت في الضفة وفي غزّة وفيها " لا تموتوا في البيوت او في المستشفيات وانما تحت وابل الرصاص " ، وهي مقولة تعود ( حسب اطلاعي ) الى الشهيد الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني ، والذي اغتالته اسرائيل في بيروت عام ١٩٧٢ . ما قام به الشهيد المقاوم خيري العلقم خير تعبير لبيت شعرٍ من مُعلّقة عنترة بن شداد " فاذا ظُلِمتْ فأن ظُلمي باسلٌ … مّرٌ مذاقته  كطعم العلقمِ "( وردَ هذا التشبيه وبيت الشعر في مقال بعنوان رصاصة علقم الاخيرة ، للكاتب يوسف فارس ،جريدة الاخبار ليوم ٢٠٢٣/١/٣٠ ) .

   عملية القدس أماطت اللثام عن خفايا ،بعضها معروف علناً و صراحةً ( ولكن هناك من يتجاهلها ) ، والبعض الآخر معروف ضمناً و استنتاجاً : يتجاهل البعض حقيقة ضعف وهوان وتشتت العدو ( بيت العنكبوت ) ،ويتجاهل للاسف البعض ظُلم وجرائم وغطرسة العدو و رفضه للسلام و رفضه لحقوق الشعب الفلسطيني ، وانه كيان غاصب و مُحتلْ و مجرم و مهووس بالتوسع ويمارس كل انواع الارهاب . لذلك ادانة المقاومة هو اصطفاف مع المجرم والمغتصب والمحتل ، هو افلاس اخلاقي و انساني ، وليس سياسة و مواقف و دبلوماسية . ادانة المقاومة هو تشجيع و دعم للارهاب المنظم والرسمي الذي اعتاد على ممارسته الكيان الصهيوني منذ عام ١٩٤٨ . حقاً ،انا قد اصبحنا في دهر عَنُود ، و زمن كنود ، يُعّدَ فيه المقاوم وصاحب الحق مُسيئاً و مجرما ، و يتضامن البعض مع المغتصب والظالم ليزداد عُتُّواً .

   عملية القدس كشفت ايضاً عن عجز نتنياهو وحكومته العنصرية المتطرفة ( وهذا رأي ٤٠ ٪؜ من الاسرائليين) عن الرّد داخلياً ، خوفاً و افلاساً ؛ لم يعّدْ لديهم وسائل اخرى غير مُجرّبة مع المقاومة الفلسطينية ! فأستنجدت  الحكومة بشماعة أيران  ، فارسلت المُسيّرات لقصف مواقع عسكرية في اصفهان ، لصرف الرأي العام الصهيوني عن فشل الحكومة و لتوجيهه صوب الخارج ، ولارسال رسالة قوة و اقتدار الى امريكا والى حلفاء اسرائيل من المنطقة ،بأنَّ اسرائيل ها هي قادرة على خرق الاجواء الايرانية وعلى الوصول الى المناطق التي تختارها .

تحاول حكومة الاحتلال ربط عملية القدس ، والتي يصفونها وحلفائهم بالارهاب ، بالقصف الذي نفذتّه مسيّراتها على اصفهان ،كي تُوهم الساذجين بترابط العمليتيّن بمفهوم الارهاب . ولكن الشعوب والدول الحُرّة ، والمتحضّرة وغير المُستعبدة و الداعمة للحق و الانسانية تدركُ بانَّ الرابط بين عملية القدس الاستشهادية و عملية استهداف ايران هو المقاومة ضّدَ الاحتلال والظلم و اغتصاب فلسطين والقدس .

   الرّدْ الاسرائيلي العسكري والذي كان صوب ايران ، وليس لايران علاقة بالعملية ، يؤكّد اكذوبة " امن واستقرار المنطقة " والتي تتشبث بها اسرائيل و امريكا و غيرهم ، ويجعلونها عبارة تتصدر قراراتهم وبياناتهم وتبّرر مواقفهم السياسية . ارهاصات اسرائيل و عدوانيتها و احتلالاتها هي سبب فقدان المنطقة لامنها ولاستقرارها ولازدهار اقتصادها وتقدم شعوبها .

 ما ينتظره الآن نتنياهو و حكومته العنصرية هو رّداً مباشراً وعلناً من ايران ، و ايران ( وكما اعتقد ) لن تقّدمْ لنتنياهو هذه الهديّة ، ستجعله حبيس نفاياته الداخلية ، و رّدْ ايران على اسرائيل مستمر عسكرياً وسياسياً ،من خلال الدعم العسكري والمالي و السياسي لفصائل المقاومة الفلسطينية ، والمكالمة الهاتفية التي جرت ،عقب عملية القدس ،بين وزير خارجية ايران و زعماء حماس والجهاد و الدعوة لهما بزيارة طهران ، تُخيف الكيان وتربكه .

 جاءت العملية العسكرية الاسرائلية ضّدَ ايران ( و تُوصفْ قانونيا اعتداء ويستوجب الادانة والعقاب من قبل الامم المتحدة ) ،متزامنه مع انفراج ايراني اوربي بخصوص العودة الى مباحثات الملف النووي الايراني ، وبتكليف امريكي لاوربا ، هدف نتنياهو هو اذاً خلط الاوراق والحيلولة دون العودة الاوربية الامريكية الايرانية للمحادثات .

ومن باب الاستشراف للاحداث نتساءل : هل عملية الاعتداء الاسرائيلية على ايران محاولة لجس قدرات الرصد و الدفاعات الايرانية وتمهّد لعملية اسرائيلية امريكية اكبر ؟ وهل هذه العملية ،التي كان مخطط لها مسبقاً بكل تأكيد ،هي التي قصدها الشيخ حمد بن جاسم آل ثان ، و افصح عنها علناً في بعض القنوات و الصحف ؟ أظّنُ ذلك ، واسرائيل و الجميع يتوقع رّداً ايرانياً مباشرا ، وهذا لن يحصلْ . وقد انتظرَ الرئيس الامريكي السابق ترامب طويلا كي يتلقى مكالمة هاتفية من الرئيس الايراني .

 سياسة ايران ، والتي دّلَ عليها الواقع و الزمن ،هي " تحمّل الضرر افضل من اعطاء مكسب لاسرائيل ، وتوجد اكثر من جهة توجّه صفعة لاسرائيل بختم ايراني " .

 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك